مواضيع مماثلة
لائحة المساحات الإعلانية
لإضافة إعلاناتكم الرجاء
مراسلتنا على البريد الإلكتروني التالي
بحـث
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 146 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 146 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 242 بتاريخ الأحد ديسمبر 01, 2013 9:22 am
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 57 عُضو.آخر عُضو مُسجل هو yaasaay فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 563 مساهمة في هذا المنتدى في 551 موضوع
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
المدير العام | ||||
عاشقة الزهراء | ||||
سمير محمود الطائي | ||||
قدوتي زينب ع | ||||
الغضب الصدري | ||||
Aorn | ||||
يا صاحب الزمان | ||||
حسين | ||||
احمد علي حسين العلي | ||||
السيد عبد الحسين الاعرجي |
تفسير منة المنّان ـ الجزء الثامن ـ
صفحة 1 من اصل 1
تفسير منة المنّان ـ الجزء الثامن ـ
مِنةُ اَلمنَان في الدفاع عن القرآن
تأليف : السيد محمد الصدر
الجزء الثامن
من كتاب منة المنان في الدفاع عن القرآن
للسيد الشهيد محمد الصدر( رضوان الله عليه )
سورة الماعون
وفي تسميتها عدة اطروحات :
الأولى :المَاعُونَ , وهي التسمية المشهورة
الثانية : الَيتِيمَ :كما سماها أبو البقاء العكبري (1) الثالثة : لسورة الي ذكر فيها الماعون او التي ذكر فيها اليتيم . سيراً على طريقة الشريف الرضي قدس سره .
الرابعة : الإشارة لها رقمها في المصحف المتداول وهو 107 .
قوله تعالى :أَرَأيْتَ .الاستفهام هنا على معنى الاستنكار وليس استفهاما حقيقياً . لان المراد الاستنكار من العمل لا الرؤية الحقيقة .
سؤال : ما المراد بالرؤية ؟
جوابه عدة وجوه :
ما قاله في الميزان (2) وهو الرؤية البصرية .
الثاني .ما ذكره أيضا(3) من احتمال ان يكون بمعنى المعرفة .
الثالث : ان يكون المراد الرؤية بالبصيرة , وهي وهي الرؤية القلبية التي تنصب مفعولين .ويكون التقدير : أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فاعلاً كذا وكذا .او رأيته مكذباً بالدين .
سؤال : ما المراد بالذي ؟
جوابه من وجهين :
........................................
(1) ج20 ,ص159 .
(2) ج20 , ص 368 .
(3) المصدر والصفحة .
الأول : ان يكون المراد به الجزئي . ان فهمنا المعنى المادي . وهو الفهم الضيق . لانه خلاف اخبار الجري . وعلى هذا التقدير يكون المرئي جزئياً .
الثاني :ان يكون المراد به الكلي أو اسم الجنس ومعه لا يحتمل ان تكون الرؤية حسية , لان الكلي لا نراه حقيقة بل مجازاً . فان أسندت الى الكلي , فإنما المراد مصاديقة وإفراده.فتتعين عند ئذ الرؤية العقلية او القلبية . لأن العقل ( هو النفس الناطقة ) يدرك الكليات إدراكاً ابتدائياً . أي بغض النظر عن إفراده .
سؤال : ما المراد بالدين ؟
جابه من وجهين :
الأول :الإدانة . أي يوم القيامة أو مطلق الإدانة والمسؤولية أمام الله سبحانه وتعالى .
الثاني : الملة او العقيدة . وكلا المعنيين متلازمان . لان الذي يكذب بأحدهما يكذب بالأخر . فيكونان متساويان مصداقا . وإن كان الاحتمال الأول ارجح . لان الذنوب المذكورة في السورة فيه إدانة ومسؤولية أمام الله سبحانه .
سؤال : ما هو الوجه في ذكر الفاء في قوله تعالى : فذلك ؟
جوابه : من عدة وجوه :
الأول :إنها فاء تعريفية, لان من يكذب بالدين يفعل ذلك . فيكون من قبيل التعبير عن المعلول الموجود في الرتبة المتأخرة .
الثاني : إنها بمنزلة التعليل إثباتا . أي بالدليل الآني أي الاستدلال بالمعلول على العلة . فإننا حين نرى عمله السيئ , نعرف كونه مكذباً بالدين . فتكونا بمنزلة التعليل للاستفهام الاستنكاري في أول السورة .الثالث : إنها بمنزلة جزاء الشرط . قال في الميزان (1) :والفاء في " فذلك " لتوهم معنى الشط . أقول : أي إن أداة الشرط وفعل الشرط مقدران . على معنى : ان عرفته فهو المطلوب وان لم تعرفه فاعرفه بصفاته , كذا وكذا .
والوجوه التي لا تحتاج إلى تقدير هي الأفضل بطبيعة الحال . فان التقدير خلاف الأصل وخلاف الظاهر .
..............................
(1) المصدر والصفحة .
سؤال : ما هو معنى : يَدُعُّ ؟
قرئَ بالتخفيف :يَدَعُ اليتيم أي يهمله وينساه , وقرىّ بالتشديد وهو المشهور .
قال الراغب (1) الدع الدفع الشديد , واصله : أن يقال للعاثر دع دع . كما يقال لعا .وقال في الميزان (2) : الدع هو الرد عنف وجفاء .
أقول :فيكون في الدع عناصر ثلاثة :
الأول :ان الدع يكون دفعا من جهة الظهر .
ثانيا : انه دفع على حين غرة وغفلة . وهو المناسب مع احتقار المجرم .
الثالث : ما قاله سيد قطب في بعض كتبه (3) , من إن الإنسان حين يدفع بعنف يخرج منه صوت " أ ع " فأخذ منه الدع .
أقول : أن القرآن يستعمله كلفظ لغوي . ولم يجد مناسباً إلا ذلك . فان اللغة قائمة على أساس الأصوات . وهي منشؤها الطبيعي , كالتألم والضحك وأصوات الحيوانات ,وغيرها . إذن ,فادع والدفع من الألفاظ الصوتية . وفيه صوتان : احدهما : فع .وهو يمثل الصوت الذي عبر عنه سيد قطب ..ثانيهما : الدال . وهو صوت الضربة . وهي التي انتجت سقوطاً أو تقيئاً– لو صح التعبير – وقد تقدم الدال على صوت الأخر . كما هو كذلك تكوينياً .
وكثير من الألفاظ من هذا القبيل , كالتنفس فصوته : تن . فس . للشهيق والزفير . والتنخم والطقطقة والفافأة . وغيرها .
سؤال : كيف يتم دع اليتيم ؟
جوابه : يكون الدع على شكلين :
الشكل الأول : فعلي . وهو متوقف على حظور اليتيم وطلبه للمساعدة .
الشكل الثاني : تشريعي . وهو مناسب أيضا , بل هو الأنسب . وطلب اليتيم يكون بلسان التشريع , وبحرمانه يكون الإنسان قد عصى المشرَّّع له والمشّرِع . فكما هو دعا لليتيم هو دع الله عز وجل . وظلمه هذا إنما هو ظلم لنفسه ,قال تعالى : ) وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)( الأعراف/ 60البقرة/ من الآية57)
...................
(1) المفردات مادة دع
(2) ج20 , ص 368 .
(3)انظر مشاهد القيامة في القرآن الكريم
وقد فسرت هذه الآية بأهل البيت (1) لانهم هم الشارع المقدس , والتشريع بيدهم فقد ظلموا اهل البيت (ع) بعصيانهم . واما الله سبحانه فهو امنع من ان يظلم .
سؤال : ما معنى " الحضّ" في قوله تعالى ولا يحض على طعام المسكين .قال في الميزان (2) : الحضّ الترغيب . وقال الراغب (3) : الحض التحريض كالحث . إلا إن الحث يكون بسوق وسير والحض لا يكون بذلك .
أقول : الحث والحض : بمعنى واحد , إلا إن الأخير يزيد عليه بالأهمية والهمة . ومعه يكون المعنى : ان اليتيم حض الآخرين على إكرامه . والعتب إنما يكون على من لا يحض على إكرامه .
وهذا الفعل يحتاج إلى مفعول ,وهو محذوف . قال في الميزان (4) : والكلام على تقدير مضاف أي لا يرغب الناس . الخ .
وهذا التقدير إن كان بالمعنى المادي , فنحن في غنى عنه عرفاً . لان المفعول أحيانا يكون من الوضوح بمكان , بحيث لا نحتاج إلى التصريح به . كما في الأفعال التالية : يرغب ويرهب ويخوف ويطعم ويخلق . كله بمعنى : الغير . وكذلك يزرع ويأكل ويشرب . لاحاجة عرفاً إلى التصريح بالمفعول كما قلنا .
سؤال : لماذا عدل عن الإطعام إلى الطعام , من إنها المناسبة في المقام ؟
هذا السؤال له جوابان :
الأول : إن الطعام مصدر ثلاثي يستعمل بدل المصدر الرباعي ( أو المزيد ) وهو الإطعام .
وهو وارد في اللغة . كجرى واجرى . نقول : أجرى الميزاب . واجرى الميزاب الماء . فيكون المعنى : انه لا يحض على إعطاء طعام المسكين .
الثاني :الطعام بمعنى الذات . وهنا نحتاج الى تقدير , أي إطعام الطعام أو إعطاؤه ونحو ذلك . ولا معنى له بدون تقدير . بينما لا نحتاج في الجواب الأول الى تقدير .
............................
1. أصول الكافي ج1 ص 435.
2. ج20, ص368 .
3. المفردات مادة "حض "
4. ج 20ص 368 .
قال في الميزان (1) قيل : ان التعبير بالطعام دون الإطعام للإشعار بان المسكين كأنه مالك لما يعطى له . كما قال تعالى (2) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (الذريات:19) أقول : اللام هنا للملك . كما نفهم الملكية من قوله (ص) (3): الأرض لمن أحياها .
سؤال :لماذا قال تعالى :وَلا َيَحُضُّ ولم يقل : ولا يطعم ؟
جوابه :أولًا : واضح من السياق عدم الأمرين . فهو لا يطعم المسكين , ولا يحض على إطعامه . ومن هنا كان الانتقاد شديداً .ولو كان بطعم ولا يحض غيره, لما كان شديداً .
ثانيا : ان عدم الحض له حصتان : أما مع ترك العمل نفسه , واما مع وجوده .فلو تنزلنا عن الوجه الأول , وقنا بشمول الآية لهما معا ً . فتكون كلتا الحصتين مرجوحة . فانه إذا كان ترك الحض مرجوحاً حتى مع عمل نفسه , فكيف كان ذلم مع تركه .
سؤال : ما معنى المسكين ؟
و جوابه :قالوا : إن معناه الفقير . ورجح أكثر الفقهاء انه اسوأ حالاً من الفقير . وهذا - حسب فهمي - ليس بصحيح . فالفقير من لا مال له او قل انه لا يستطيع لا يستطيع ان يصرف على حوائجه واما المسكين فهو لا يشبهه ألبته . لان المسكنة تعني الذلة . فالمسكين هو الذليل ، سواء كان غنياً أو فقيراً . أو عالما أو جاهلا , ذكرا أو أنثى .فتكون نسبة العموم من وجهه تطبيقياً بالحمل الشايع . .إلا انه اغلب استعماله في الذليل الناشئة ذلته من الفقر . لأن الفقر هو السبب الغالب للذلة .
وهذا هو المراد بالآية ، بدلالة القرائن المتصلة . أي الفقير الذي نشأت مسكنته من فقره .
وهذان اللفظان من الكلمات التي إذا اجتمعتا افترقتا . وإذا افترقتا اجتمعتا . يعني إذا افترقنا لفظا اجتمعتا في المعنى وإذا اجتمعتا في المعنى وإذا اجتمعتا باللفظ افترقتا في المعنى إلا فهمنا – على كلا التقديرين – متباينان في اللغة مفهوماً . وان كانا مجتمعين بنحو العموم من وجه تطبيقاً ومصداقاً .
...............................
(1) الصدر والصفحة .
(2) انظر نحوه في الوسائل ج17 , ص326 .
سؤال : لماذا يقال (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ) . مع ان الصلاة عمود الدين ؟ وهل يكون ذلك إلا مثل قول الشاعر :
دع المساجد للعباد تسكنها وقف على دكة الخمار واسقينا
ما قال ربك ويل للذين شربوا بل قال ربك : ويل للمصليـــــنا
جوابه : نقضاً وحلاً :
الأول : وجود قرائن متصلة على تحديده , إذا ليس المراد قطعاً , وإلا لوصل الذم إلى رسول لله (ص) والمعصومين (ع) مع إن مدحهم اشهر من ان يذكر .
الثاني : إن المراد بهم حصة خاصة من المصلين بتقيد سابق وتقيد لاحق .
اما التقيد السابق : فهو ما أشار أليه صاحب الميزان قدس سره ,حين قال (1) : وفي الآية تطبيق من يكذب بالدين على هؤلاء المصلين , لمكان فاء التعريف .
فإن قلت : إن ترك الفاء يخل بالسياق اللفظي .إذن فلا بد منها وان لم تفد التفريغ .
قلت نعم : تخل بالسياق عندئذ .غير انه كان يمكنه أن يستعمل الواو التي لا تفيد التفريغ إذا لم يكن التفريغ مقصوداً .إذن فهو مقصود .
وأما التقيد اللاحق فهو قوله تعالى : (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) .فهنا مطلق وهو مقيد بقرينه متصلة.فيتكون من القيد والمقيد مفهوم تصوري ضيق .هو المنقد في الآية دون غيره .
وينبغي هنا ان نلتفت إلى انه يمكن القييد بما بعده أيضا , وهو قوله : الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ .وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) (الماعون:7) .
قوله تعالى : سَاهُونَ
الظاهر من الساهي هنا هو الذي يحصل منه السهو مرات عديدة او هو مستمر على سهوه .
سؤال : ما معنى السهو ؟
جوابه : له عدة معانٍ :
المعنى الأول : ترك الصلاة .
فان قلت : انه قد فرضهم مصلين .
قلنا : ان المصلين هنا بمعنى المسلمين – ظاهراً – او هم من اهل القبلة . لكي ينسجم المعنى , فهم مصلون , الصلاة لهم بالاقتضاء التشريعي . يعني من تجب عليهم الصلاة . في مقابل الأديان الأخرى التي لا تؤمن بالصلاة .
.........................
(1) ج20 , ص368 .
المعنى الثاني : الشك والسهو الواقع في الصلاة .قال الشهيد الثاني (1) :إن كلا منهما يطلق على الأخر و استعملاً شرعياً أو تجوزاً لتقارب المعنيين .
ولكن هذا المعنى غير مقصود لاكثر من وجه واحد :
الأول : إن هؤلاء الساهين معاتبون بقوله : فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ . ولم يقل : للساهين .
الثاني : إن الشك والسهو غير اختياري عادة , فلا يكون الفرد معاتباً عليهما . لان العتاب والعقاب خاص بما هو اختياري .
فنستنتج من ذلك . ان هذه الوجه غير محتمل
إلا إن نقول : إن الشك والسهو وان لم يكن اختياريا , إلا إن أسبابه قد تكون اختيارية .فالعتاب يتوجه على عدم ترك أسبابه ورفعها .ولكن ما هذه الأسباب , أعني المنتجة لزوال الشك والسهو ؟
هي على نحوين :
الأول : الراحة الدنيوية : يقال : أرح ذهنك لكي لا يكثر سهوك .
الثاني : التكامل في درجات اليقين ,فان حصل ذلك يكون متعذراً ونادراً .
الثالث : ما فهمه صاحب الميزان قدس سره حيث قال: (2) غافلون لا يهتمون بها , ولا يبالون ان تفوتهم بالكلية او في بعض الأوقات أو تتأخر من وقت فضيلتها . وهكذا .
أقول : أي يكون حال المكلف الاقتصار على الواجبات وترك المستحبات .
وفيه نقطة قوة : وهي : أم ما ورد من السؤال عن الوجه الأول لا يأتي هنا . لأن معناه هنا انهم مصلون ولكنهم متسامحون في صلواتهم . وهذا التسامح لا يكون إلا من أجل الاهتمام ببعض أمور الدنيا , ما قال في الدعاء (3) : لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا .
سؤال : انه قال تعالى : "" الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ . : الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ "" . فكررت الذين هم , مرتين . فما الحاجة إلى الذين هم الثانية ؟
........................................................
(1) الروضة البهية ج1 , ص 399 .
(2) ج20 , ص 368 .
(3) انظر : مفاتيح الجنان , ص 167 .
وهنا ينبغي التعريف على إعراب الجملة قبل الشروع في الجواب .
( ويل ) مبتدأ خبره محذوف , والجار والمجرور متعلق به و" هم " مبتدأ ز( ساهون ) خبره .و" صلاتهم " جار ومجرور متعلق باسم الفاعل . الذين هم عن صلاتهم ساهون .
فالضمير ( هم ) ليس ضمير فصل .بل مبتدأ نحتاج اليه ليكون عائداً على الموصل . بل حتى لو لم يذكر الضمير لاحتجنا إلى تقديره .
و( الذين ) مبتدأ و(هم ) مبتدأ ثاني .خبره ( يراؤن ) والجملة خبر للمبتدأ الأول .
او (هم ) ضمير فصل يفيد التأكيد . وبالتالي لا تحتاج الجملة الى وجوده . لكون العائد صالحا في ان يكون هو فاعل ( يراؤن ) فهنا يتأكد السؤال :لماذا وجد الضمير ؟
جوابه من عدة وجوه :
الوجه الأول : - كأطروحة – لعل هناك قراءة بترك (هم ) وهذا لا ينافي السياق اللفظي القرآني .والاحتمال مبطل للاستدلال المقابل .
الوجه الثاني : ما عليه المفسرون من انه وضع لاجل إيجاد التماثل بين الآيتين وإحراز وحدة السياق اللفظي بينهما .ولو تركت لما حصل ذلك .
الوجه الثالث : إن (هم ) تفيد التأكيد .والحاجة إلى التأكيد متحققة . وهي التأكيد على عصيانهم وفسقهم وسوء تصرفهم .فهم مضافاً إلى كونهم ( ساهون عن صلاتهم ) فإنهم أيضا يراؤن ويمنعون الماعون .
الوجه الرابع : إن فيه إشعار بالتقيد والتحديد , دون إرادة الكلي المفهوم بدون الضمير . فهذه الصفات خاصة بهم لا تتعدى إلى غيرهم .وهم الجماعة المعينة التي تُفهم على مستوى المعنوي من التفكير . وهي جامع كلية لا جزئية . لهم ثلاث صفات : السهو في الصلاة , والرياء , والمنع عن الصدقات .
وقوله تعالى : يراؤن . يمكن أن يقع الكلام في مادتها تارة , وفي هيئه أخرى . اما الرياء ومعناها فقد عرضناها تفصيلاً في كتابنا , فقه الأخلاق (1) فراجع .
.......................
(1) ج1 , ص 37 .
واما من حيث الهيئة فيمكن ان الالتفات إلى ان فيه سياقاً ونسقاً قرآنيين :
أما النسق , فقد قلنا انه على معنى الآيات , ولا نسميه سجعاً ولا قافية . لانه يختلف عنهما عرفاً .
و( يراؤن ) وان لم تكن نهاية الآية إلا إن لها نسقاً مع ساهون وماعون . وهو نحو من النسق القرآني , إذا قرأت بالوقف عليها .
واما السياق فهو على قسمين :
القسم الأول : السياق المعنوي . وهو ما يسمى بوحدة السياق في علم الأصول . ويستدل بها بصفتها من القرائن المتصلة على المعنى .
القسم الثاني : السياق اللفظي : أي جمال اللفظ القرآني وترتيبه بحيث نحزر كونه مصداقاً للهجة القرآنية .فلو اختل واختلف خرج عن كونه قرآناً . كما لو حذف الضمير المنفصل منها وهكذا .
سؤال : ما معنى الماعون ؟
جوابه إن فيه أطروحتين :
الأولى : ما قاله في الميزان (1) : كل من يعين الغير في دفع حاجة من حوائج الحياة .كالقرض تقرضه والمعروف تصنعه , ومتاع البت تعيره . أقول : فيكون بمعنى المعين .
الثانية : الظرف من ظروف الطعام . وهو معنى نفهمه الآن بالتأكيد . ويمكن استصحابه بالاستطحاب القهقري إلى العصر اللغوي الأول .
إلا أن هذا الاستصحاب إلى صدر الإسلام لا يتم . لانقطاعه بتفسير أهل اللغة , فلا يمكن حمل الآية عليه .ولعل استعمالنا لهذا المعنى مجازاً , ولو باعتبار كثرة الإعارة له .ثم أصبح حقيقة , كما هو الآن وجداناً .
إن قلت : ان قضاء الحاجات سيكون : بما في الماعون . لا الماعون نفسه .
قلنا : أولاً : هذا فرع ان يراد بالماعون الضرف . وقد نفيناه .
ثانياً : انه تلطيف في المجاز كقوله تعالى : (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ)(يوسف: من الآية82) يعني أهلها . فكذلك تكون قضى الحاجة , بالماعون أي بما فيه .
سؤال : ما هو أصل كلمة الماعون ؟ لأن الظاهر انها كلمة أجنبية او دخيلة أو ( ملمعة ) بين العربي والأجنبي .
جوابه :على عدة أطروحات :
الأولى : ما موصولة . وعون مصدر أو صفة مشبهة . بمعنى ما أعين به الآخرون . أو من يكون عوناً للآخرين .
الثانية : ما المصدرية . ويكون المصل نفسه .
الثالثة : انه ملمع من لغتين , فتكون ما فارسية بمعنى نحن . فتكون بمعنى إعانتنا للآخرين .
................
(1) ج20 , ص 368 ,
تمت هذه السورة والحمد لله رب العالمين
والبقية تأتي إن شاء الله
تأليف : السيد محمد الصدر
الجزء الثامن
من كتاب منة المنان في الدفاع عن القرآن
للسيد الشهيد محمد الصدر( رضوان الله عليه )
سورة الماعون
وفي تسميتها عدة اطروحات :
الأولى :المَاعُونَ , وهي التسمية المشهورة
الثانية : الَيتِيمَ :كما سماها أبو البقاء العكبري (1) الثالثة : لسورة الي ذكر فيها الماعون او التي ذكر فيها اليتيم . سيراً على طريقة الشريف الرضي قدس سره .
الرابعة : الإشارة لها رقمها في المصحف المتداول وهو 107 .
قوله تعالى :أَرَأيْتَ .الاستفهام هنا على معنى الاستنكار وليس استفهاما حقيقياً . لان المراد الاستنكار من العمل لا الرؤية الحقيقة .
سؤال : ما المراد بالرؤية ؟
جوابه عدة وجوه :
ما قاله في الميزان (2) وهو الرؤية البصرية .
الثاني .ما ذكره أيضا(3) من احتمال ان يكون بمعنى المعرفة .
الثالث : ان يكون المراد الرؤية بالبصيرة , وهي وهي الرؤية القلبية التي تنصب مفعولين .ويكون التقدير : أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فاعلاً كذا وكذا .او رأيته مكذباً بالدين .
سؤال : ما المراد بالذي ؟
جوابه من وجهين :
........................................
(1) ج20 ,ص159 .
(2) ج20 , ص 368 .
(3) المصدر والصفحة .
الأول : ان يكون المراد به الجزئي . ان فهمنا المعنى المادي . وهو الفهم الضيق . لانه خلاف اخبار الجري . وعلى هذا التقدير يكون المرئي جزئياً .
الثاني :ان يكون المراد به الكلي أو اسم الجنس ومعه لا يحتمل ان تكون الرؤية حسية , لان الكلي لا نراه حقيقة بل مجازاً . فان أسندت الى الكلي , فإنما المراد مصاديقة وإفراده.فتتعين عند ئذ الرؤية العقلية او القلبية . لأن العقل ( هو النفس الناطقة ) يدرك الكليات إدراكاً ابتدائياً . أي بغض النظر عن إفراده .
سؤال : ما المراد بالدين ؟
جابه من وجهين :
الأول :الإدانة . أي يوم القيامة أو مطلق الإدانة والمسؤولية أمام الله سبحانه وتعالى .
الثاني : الملة او العقيدة . وكلا المعنيين متلازمان . لان الذي يكذب بأحدهما يكذب بالأخر . فيكونان متساويان مصداقا . وإن كان الاحتمال الأول ارجح . لان الذنوب المذكورة في السورة فيه إدانة ومسؤولية أمام الله سبحانه .
سؤال : ما هو الوجه في ذكر الفاء في قوله تعالى : فذلك ؟
جوابه : من عدة وجوه :
الأول :إنها فاء تعريفية, لان من يكذب بالدين يفعل ذلك . فيكون من قبيل التعبير عن المعلول الموجود في الرتبة المتأخرة .
الثاني : إنها بمنزلة التعليل إثباتا . أي بالدليل الآني أي الاستدلال بالمعلول على العلة . فإننا حين نرى عمله السيئ , نعرف كونه مكذباً بالدين . فتكونا بمنزلة التعليل للاستفهام الاستنكاري في أول السورة .الثالث : إنها بمنزلة جزاء الشرط . قال في الميزان (1) :والفاء في " فذلك " لتوهم معنى الشط . أقول : أي إن أداة الشرط وفعل الشرط مقدران . على معنى : ان عرفته فهو المطلوب وان لم تعرفه فاعرفه بصفاته , كذا وكذا .
والوجوه التي لا تحتاج إلى تقدير هي الأفضل بطبيعة الحال . فان التقدير خلاف الأصل وخلاف الظاهر .
..............................
(1) المصدر والصفحة .
سؤال : ما هو معنى : يَدُعُّ ؟
قرئَ بالتخفيف :يَدَعُ اليتيم أي يهمله وينساه , وقرىّ بالتشديد وهو المشهور .
قال الراغب (1) الدع الدفع الشديد , واصله : أن يقال للعاثر دع دع . كما يقال لعا .وقال في الميزان (2) : الدع هو الرد عنف وجفاء .
أقول :فيكون في الدع عناصر ثلاثة :
الأول :ان الدع يكون دفعا من جهة الظهر .
ثانيا : انه دفع على حين غرة وغفلة . وهو المناسب مع احتقار المجرم .
الثالث : ما قاله سيد قطب في بعض كتبه (3) , من إن الإنسان حين يدفع بعنف يخرج منه صوت " أ ع " فأخذ منه الدع .
أقول : أن القرآن يستعمله كلفظ لغوي . ولم يجد مناسباً إلا ذلك . فان اللغة قائمة على أساس الأصوات . وهي منشؤها الطبيعي , كالتألم والضحك وأصوات الحيوانات ,وغيرها . إذن ,فادع والدفع من الألفاظ الصوتية . وفيه صوتان : احدهما : فع .وهو يمثل الصوت الذي عبر عنه سيد قطب ..ثانيهما : الدال . وهو صوت الضربة . وهي التي انتجت سقوطاً أو تقيئاً– لو صح التعبير – وقد تقدم الدال على صوت الأخر . كما هو كذلك تكوينياً .
وكثير من الألفاظ من هذا القبيل , كالتنفس فصوته : تن . فس . للشهيق والزفير . والتنخم والطقطقة والفافأة . وغيرها .
سؤال : كيف يتم دع اليتيم ؟
جوابه : يكون الدع على شكلين :
الشكل الأول : فعلي . وهو متوقف على حظور اليتيم وطلبه للمساعدة .
الشكل الثاني : تشريعي . وهو مناسب أيضا , بل هو الأنسب . وطلب اليتيم يكون بلسان التشريع , وبحرمانه يكون الإنسان قد عصى المشرَّّع له والمشّرِع . فكما هو دعا لليتيم هو دع الله عز وجل . وظلمه هذا إنما هو ظلم لنفسه ,قال تعالى : ) وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)( الأعراف/ 60البقرة/ من الآية57)
...................
(1) المفردات مادة دع
(2) ج20 , ص 368 .
(3)انظر مشاهد القيامة في القرآن الكريم
وقد فسرت هذه الآية بأهل البيت (1) لانهم هم الشارع المقدس , والتشريع بيدهم فقد ظلموا اهل البيت (ع) بعصيانهم . واما الله سبحانه فهو امنع من ان يظلم .
سؤال : ما معنى " الحضّ" في قوله تعالى ولا يحض على طعام المسكين .قال في الميزان (2) : الحضّ الترغيب . وقال الراغب (3) : الحض التحريض كالحث . إلا إن الحث يكون بسوق وسير والحض لا يكون بذلك .
أقول : الحث والحض : بمعنى واحد , إلا إن الأخير يزيد عليه بالأهمية والهمة . ومعه يكون المعنى : ان اليتيم حض الآخرين على إكرامه . والعتب إنما يكون على من لا يحض على إكرامه .
وهذا الفعل يحتاج إلى مفعول ,وهو محذوف . قال في الميزان (4) : والكلام على تقدير مضاف أي لا يرغب الناس . الخ .
وهذا التقدير إن كان بالمعنى المادي , فنحن في غنى عنه عرفاً . لان المفعول أحيانا يكون من الوضوح بمكان , بحيث لا نحتاج إلى التصريح به . كما في الأفعال التالية : يرغب ويرهب ويخوف ويطعم ويخلق . كله بمعنى : الغير . وكذلك يزرع ويأكل ويشرب . لاحاجة عرفاً إلى التصريح بالمفعول كما قلنا .
سؤال : لماذا عدل عن الإطعام إلى الطعام , من إنها المناسبة في المقام ؟
هذا السؤال له جوابان :
الأول : إن الطعام مصدر ثلاثي يستعمل بدل المصدر الرباعي ( أو المزيد ) وهو الإطعام .
وهو وارد في اللغة . كجرى واجرى . نقول : أجرى الميزاب . واجرى الميزاب الماء . فيكون المعنى : انه لا يحض على إعطاء طعام المسكين .
الثاني :الطعام بمعنى الذات . وهنا نحتاج الى تقدير , أي إطعام الطعام أو إعطاؤه ونحو ذلك . ولا معنى له بدون تقدير . بينما لا نحتاج في الجواب الأول الى تقدير .
............................
1. أصول الكافي ج1 ص 435.
2. ج20, ص368 .
3. المفردات مادة "حض "
4. ج 20ص 368 .
قال في الميزان (1) قيل : ان التعبير بالطعام دون الإطعام للإشعار بان المسكين كأنه مالك لما يعطى له . كما قال تعالى (2) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (الذريات:19) أقول : اللام هنا للملك . كما نفهم الملكية من قوله (ص) (3): الأرض لمن أحياها .
سؤال :لماذا قال تعالى :وَلا َيَحُضُّ ولم يقل : ولا يطعم ؟
جوابه :أولًا : واضح من السياق عدم الأمرين . فهو لا يطعم المسكين , ولا يحض على إطعامه . ومن هنا كان الانتقاد شديداً .ولو كان بطعم ولا يحض غيره, لما كان شديداً .
ثانيا : ان عدم الحض له حصتان : أما مع ترك العمل نفسه , واما مع وجوده .فلو تنزلنا عن الوجه الأول , وقنا بشمول الآية لهما معا ً . فتكون كلتا الحصتين مرجوحة . فانه إذا كان ترك الحض مرجوحاً حتى مع عمل نفسه , فكيف كان ذلم مع تركه .
سؤال : ما معنى المسكين ؟
و جوابه :قالوا : إن معناه الفقير . ورجح أكثر الفقهاء انه اسوأ حالاً من الفقير . وهذا - حسب فهمي - ليس بصحيح . فالفقير من لا مال له او قل انه لا يستطيع لا يستطيع ان يصرف على حوائجه واما المسكين فهو لا يشبهه ألبته . لان المسكنة تعني الذلة . فالمسكين هو الذليل ، سواء كان غنياً أو فقيراً . أو عالما أو جاهلا , ذكرا أو أنثى .فتكون نسبة العموم من وجهه تطبيقياً بالحمل الشايع . .إلا انه اغلب استعماله في الذليل الناشئة ذلته من الفقر . لأن الفقر هو السبب الغالب للذلة .
وهذا هو المراد بالآية ، بدلالة القرائن المتصلة . أي الفقير الذي نشأت مسكنته من فقره .
وهذان اللفظان من الكلمات التي إذا اجتمعتا افترقتا . وإذا افترقتا اجتمعتا . يعني إذا افترقنا لفظا اجتمعتا في المعنى وإذا اجتمعتا في المعنى وإذا اجتمعتا باللفظ افترقتا في المعنى إلا فهمنا – على كلا التقديرين – متباينان في اللغة مفهوماً . وان كانا مجتمعين بنحو العموم من وجه تطبيقاً ومصداقاً .
...............................
(1) الصدر والصفحة .
(2) انظر نحوه في الوسائل ج17 , ص326 .
سؤال : لماذا يقال (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ) . مع ان الصلاة عمود الدين ؟ وهل يكون ذلك إلا مثل قول الشاعر :
دع المساجد للعباد تسكنها وقف على دكة الخمار واسقينا
ما قال ربك ويل للذين شربوا بل قال ربك : ويل للمصليـــــنا
جوابه : نقضاً وحلاً :
الأول : وجود قرائن متصلة على تحديده , إذا ليس المراد قطعاً , وإلا لوصل الذم إلى رسول لله (ص) والمعصومين (ع) مع إن مدحهم اشهر من ان يذكر .
الثاني : إن المراد بهم حصة خاصة من المصلين بتقيد سابق وتقيد لاحق .
اما التقيد السابق : فهو ما أشار أليه صاحب الميزان قدس سره ,حين قال (1) : وفي الآية تطبيق من يكذب بالدين على هؤلاء المصلين , لمكان فاء التعريف .
فإن قلت : إن ترك الفاء يخل بالسياق اللفظي .إذن فلا بد منها وان لم تفد التفريغ .
قلت نعم : تخل بالسياق عندئذ .غير انه كان يمكنه أن يستعمل الواو التي لا تفيد التفريغ إذا لم يكن التفريغ مقصوداً .إذن فهو مقصود .
وأما التقيد اللاحق فهو قوله تعالى : (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) .فهنا مطلق وهو مقيد بقرينه متصلة.فيتكون من القيد والمقيد مفهوم تصوري ضيق .هو المنقد في الآية دون غيره .
وينبغي هنا ان نلتفت إلى انه يمكن القييد بما بعده أيضا , وهو قوله : الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ .وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) (الماعون:7) .
قوله تعالى : سَاهُونَ
الظاهر من الساهي هنا هو الذي يحصل منه السهو مرات عديدة او هو مستمر على سهوه .
سؤال : ما معنى السهو ؟
جوابه : له عدة معانٍ :
المعنى الأول : ترك الصلاة .
فان قلت : انه قد فرضهم مصلين .
قلنا : ان المصلين هنا بمعنى المسلمين – ظاهراً – او هم من اهل القبلة . لكي ينسجم المعنى , فهم مصلون , الصلاة لهم بالاقتضاء التشريعي . يعني من تجب عليهم الصلاة . في مقابل الأديان الأخرى التي لا تؤمن بالصلاة .
.........................
(1) ج20 , ص368 .
المعنى الثاني : الشك والسهو الواقع في الصلاة .قال الشهيد الثاني (1) :إن كلا منهما يطلق على الأخر و استعملاً شرعياً أو تجوزاً لتقارب المعنيين .
ولكن هذا المعنى غير مقصود لاكثر من وجه واحد :
الأول : إن هؤلاء الساهين معاتبون بقوله : فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ . ولم يقل : للساهين .
الثاني : إن الشك والسهو غير اختياري عادة , فلا يكون الفرد معاتباً عليهما . لان العتاب والعقاب خاص بما هو اختياري .
فنستنتج من ذلك . ان هذه الوجه غير محتمل
إلا إن نقول : إن الشك والسهو وان لم يكن اختياريا , إلا إن أسبابه قد تكون اختيارية .فالعتاب يتوجه على عدم ترك أسبابه ورفعها .ولكن ما هذه الأسباب , أعني المنتجة لزوال الشك والسهو ؟
هي على نحوين :
الأول : الراحة الدنيوية : يقال : أرح ذهنك لكي لا يكثر سهوك .
الثاني : التكامل في درجات اليقين ,فان حصل ذلك يكون متعذراً ونادراً .
الثالث : ما فهمه صاحب الميزان قدس سره حيث قال: (2) غافلون لا يهتمون بها , ولا يبالون ان تفوتهم بالكلية او في بعض الأوقات أو تتأخر من وقت فضيلتها . وهكذا .
أقول : أي يكون حال المكلف الاقتصار على الواجبات وترك المستحبات .
وفيه نقطة قوة : وهي : أم ما ورد من السؤال عن الوجه الأول لا يأتي هنا . لأن معناه هنا انهم مصلون ولكنهم متسامحون في صلواتهم . وهذا التسامح لا يكون إلا من أجل الاهتمام ببعض أمور الدنيا , ما قال في الدعاء (3) : لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا .
سؤال : انه قال تعالى : "" الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ . : الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ "" . فكررت الذين هم , مرتين . فما الحاجة إلى الذين هم الثانية ؟
........................................................
(1) الروضة البهية ج1 , ص 399 .
(2) ج20 , ص 368 .
(3) انظر : مفاتيح الجنان , ص 167 .
وهنا ينبغي التعريف على إعراب الجملة قبل الشروع في الجواب .
( ويل ) مبتدأ خبره محذوف , والجار والمجرور متعلق به و" هم " مبتدأ ز( ساهون ) خبره .و" صلاتهم " جار ومجرور متعلق باسم الفاعل . الذين هم عن صلاتهم ساهون .
فالضمير ( هم ) ليس ضمير فصل .بل مبتدأ نحتاج اليه ليكون عائداً على الموصل . بل حتى لو لم يذكر الضمير لاحتجنا إلى تقديره .
و( الذين ) مبتدأ و(هم ) مبتدأ ثاني .خبره ( يراؤن ) والجملة خبر للمبتدأ الأول .
او (هم ) ضمير فصل يفيد التأكيد . وبالتالي لا تحتاج الجملة الى وجوده . لكون العائد صالحا في ان يكون هو فاعل ( يراؤن ) فهنا يتأكد السؤال :لماذا وجد الضمير ؟
جوابه من عدة وجوه :
الوجه الأول : - كأطروحة – لعل هناك قراءة بترك (هم ) وهذا لا ينافي السياق اللفظي القرآني .والاحتمال مبطل للاستدلال المقابل .
الوجه الثاني : ما عليه المفسرون من انه وضع لاجل إيجاد التماثل بين الآيتين وإحراز وحدة السياق اللفظي بينهما .ولو تركت لما حصل ذلك .
الوجه الثالث : إن (هم ) تفيد التأكيد .والحاجة إلى التأكيد متحققة . وهي التأكيد على عصيانهم وفسقهم وسوء تصرفهم .فهم مضافاً إلى كونهم ( ساهون عن صلاتهم ) فإنهم أيضا يراؤن ويمنعون الماعون .
الوجه الرابع : إن فيه إشعار بالتقيد والتحديد , دون إرادة الكلي المفهوم بدون الضمير . فهذه الصفات خاصة بهم لا تتعدى إلى غيرهم .وهم الجماعة المعينة التي تُفهم على مستوى المعنوي من التفكير . وهي جامع كلية لا جزئية . لهم ثلاث صفات : السهو في الصلاة , والرياء , والمنع عن الصدقات .
وقوله تعالى : يراؤن . يمكن أن يقع الكلام في مادتها تارة , وفي هيئه أخرى . اما الرياء ومعناها فقد عرضناها تفصيلاً في كتابنا , فقه الأخلاق (1) فراجع .
.......................
(1) ج1 , ص 37 .
واما من حيث الهيئة فيمكن ان الالتفات إلى ان فيه سياقاً ونسقاً قرآنيين :
أما النسق , فقد قلنا انه على معنى الآيات , ولا نسميه سجعاً ولا قافية . لانه يختلف عنهما عرفاً .
و( يراؤن ) وان لم تكن نهاية الآية إلا إن لها نسقاً مع ساهون وماعون . وهو نحو من النسق القرآني , إذا قرأت بالوقف عليها .
واما السياق فهو على قسمين :
القسم الأول : السياق المعنوي . وهو ما يسمى بوحدة السياق في علم الأصول . ويستدل بها بصفتها من القرائن المتصلة على المعنى .
القسم الثاني : السياق اللفظي : أي جمال اللفظ القرآني وترتيبه بحيث نحزر كونه مصداقاً للهجة القرآنية .فلو اختل واختلف خرج عن كونه قرآناً . كما لو حذف الضمير المنفصل منها وهكذا .
سؤال : ما معنى الماعون ؟
جوابه إن فيه أطروحتين :
الأولى : ما قاله في الميزان (1) : كل من يعين الغير في دفع حاجة من حوائج الحياة .كالقرض تقرضه والمعروف تصنعه , ومتاع البت تعيره . أقول : فيكون بمعنى المعين .
الثانية : الظرف من ظروف الطعام . وهو معنى نفهمه الآن بالتأكيد . ويمكن استصحابه بالاستطحاب القهقري إلى العصر اللغوي الأول .
إلا أن هذا الاستصحاب إلى صدر الإسلام لا يتم . لانقطاعه بتفسير أهل اللغة , فلا يمكن حمل الآية عليه .ولعل استعمالنا لهذا المعنى مجازاً , ولو باعتبار كثرة الإعارة له .ثم أصبح حقيقة , كما هو الآن وجداناً .
إن قلت : ان قضاء الحاجات سيكون : بما في الماعون . لا الماعون نفسه .
قلنا : أولاً : هذا فرع ان يراد بالماعون الضرف . وقد نفيناه .
ثانياً : انه تلطيف في المجاز كقوله تعالى : (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ)(يوسف: من الآية82) يعني أهلها . فكذلك تكون قضى الحاجة , بالماعون أي بما فيه .
سؤال : ما هو أصل كلمة الماعون ؟ لأن الظاهر انها كلمة أجنبية او دخيلة أو ( ملمعة ) بين العربي والأجنبي .
جوابه :على عدة أطروحات :
الأولى : ما موصولة . وعون مصدر أو صفة مشبهة . بمعنى ما أعين به الآخرون . أو من يكون عوناً للآخرين .
الثانية : ما المصدرية . ويكون المصل نفسه .
الثالثة : انه ملمع من لغتين , فتكون ما فارسية بمعنى نحن . فتكون بمعنى إعانتنا للآخرين .
................
(1) ج20 , ص 368 ,
تمت هذه السورة والحمد لله رب العالمين
والبقية تأتي إن شاء الله
المدير العام- Admin
-
عدد المساهمات : 501
نقاط : 2147483647
عضو مميز : 1
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
العمر : 44
مواضيع مماثلة
» تفسير منة المنّان ـ الجزء الأول
» تفسير منة المنّان ـ الجزء الخامس ـ
» تفسير منة المنّان ـ الجزء الرابع ـ
» تفسير منة المنّان ـ الجزء الخامس ـ
» تفسير منة المنّان ـ الجزء الرابع ـ
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء يوليو 08, 2014 6:16 pm من طرف السيد عبد الحسين الاعرجي
» زواج المتعة
الأربعاء فبراير 09, 2011 11:07 am من طرف حسين
» الى من يهمه الامر
الخميس نوفمبر 18, 2010 2:26 am من طرف احمد علي حسين العلي
» جبل يضع البيض في الصين
الأربعاء نوفمبر 10, 2010 9:31 am من طرف زائر
» لى من يهمه الامر
الأربعاء نوفمبر 03, 2010 9:30 am من طرف سمير محمود الطائي
» زرقاء اليما مه
الأربعاء سبتمبر 29, 2010 5:17 am من طرف سمير محمود الطائي
» الأخت المؤ منه ومشا كل العصر
الثلاثاء سبتمبر 28, 2010 1:59 am من طرف سمير محمود الطائي
» أعجوبة صورة الضحى
الثلاثاء سبتمبر 28, 2010 1:48 am من طرف سمير محمود الطائي
» با لحسين معا دلتي موزونه
الإثنين سبتمبر 27, 2010 6:30 pm من طرف سمير محمود الطائي