مواضيع مماثلة
لائحة المساحات الإعلانية
لإضافة إعلاناتكم الرجاء
مراسلتنا على البريد الإلكتروني التالي
بحـث
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 158 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 158 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 242 بتاريخ الأحد ديسمبر 01, 2013 9:22 am
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 57 عُضو.آخر عُضو مُسجل هو yaasaay فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 563 مساهمة في هذا المنتدى في 551 موضوع
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
المدير العام | ||||
عاشقة الزهراء | ||||
سمير محمود الطائي | ||||
قدوتي زينب ع | ||||
الغضب الصدري | ||||
Aorn | ||||
يا صاحب الزمان | ||||
حسين | ||||
احمد علي حسين العلي | ||||
السيد عبد الحسين الاعرجي |
تفسير منة المنّان ـ الجزء الرابع ـ
صفحة 1 من اصل 1
تفسير منة المنّان ـ الجزء الرابع ـ
مِنةُ اَلمنَان في الدفاع عن القرآن
تأليف : السيد محمد الصدر
الجزء الرابع
سورة الفيل
مكتب السيد الشهيد الصدر (قد) في عفك
في تسميتها ثلاث اطروحات فقط :
أولا : سورة الفيل .
ثانياً :السورة التي ذكر فيها الفيل .
ثالثاً : إعطاؤها رقمها في تسلسلها من المصحف وهو (105) .
سؤال : ما هو محتوى الاستفهام في قوله تعالى : ألم ؟
جوابه : أن له شكلين من المحتوى :
الشكل الأول : أن يكون اعتيادياً ، وليس استفهاماً استنكارياً وذلك إذا كان متعلقاً بحادثة الفيل . لأن الحادثة أخذت في السورة مسلمة الصحة ، كما هي كذلك . غاية الأمر انه استفهام عن العدم الذي لم يتحقق لا عن الوجود الذي حصل .
الشكل الثاني : أن يكون استفهاماً استنكارياً . في ما إذا كان متعلقة الرؤية , وليست أصل الحادثة . كما هو الأوفق بالوجدان .
فأنه قد يتوهم أن المتعلق هو الحادثة الرئيسية كما قلنا , إلا أنه ليس بصحيح لاكثر من وجه واحد :
أولا : أن مدخوله الروية في قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ)(الفيل: من الآية1) .
ثانياً : أنه خصص حرفاً استفهاميا أخر لحادثة الفيل هو كيف فقال ( كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ)(الفيل: من الآية1) . فخص القرآن لكل منهما أداة استفهام . فالأول استفهام عن الرؤية والآخر عن شكل الحادثة .
سؤال : ما لمراد بالرؤية في قوله : (أَلَمْ تَرَ) ؟
جوابه : من عدة وجوه :
الوجه الأول : ما ذكره في الميزان (1) من أن : المراد بالرؤية العلم الظاهر ظهور الحس .
أقول : فيكون المعنى : ألم تعلم علماً قريباً من الإحساس . فكأنه مشاهد للحادثة وأن لم يكن كذلك فعلا لأنها . لأنها قريبة من تاريخهم ومتواترةٌ ومهمة . ولم يكن العرب قد شاهدوا الفيل قبل ذلك الحين .
الوجه الثاني : أن المخاطب ليس هو النبي (ص) بل غيره , من قبيل إياك أعني فأسمعي يا جارة .لأن الفاصل بين نزول الوحي والحادثة . أربعون سنة . ولم يكن النبي (ص) قد شاهدها ، إلا أن هناك الكثير من كبار السن الموجودين في ذلك المجتمع ممن شاهدها فعلاً . وهم المخاطبون بالآية الكريمة .
الوجه الثالث : أن يراد به رؤية النبي(ص) بالعلم الباطن ، يكشفها الله تعالى له0
أن مؤدي الاستفهام عن الرؤية استنكاري ،فيؤدي إلى الجزم بالإثبات ، عن حصول الرؤية والعلم .
سؤال : من هم أصحاب الفيل ؟
جوابه : ابرهة ،وهو صاحب الفيل وقد عبر عن الجيش كله بأصحاب الفيل. مع انه صاحبه واحد .
فان قلت: فانه لماذا عبر عن الجيش بأصحاب الفيل ؟
قلت : لعدة وجوه :
أولا: لانهم اتباع ابرهة صاحب الفيل ، وهو الذي خطط لهم بان يكون سيرهم حيث سار الفيل ووقوفهم حيث وقف .
ثانيا: إن الفيل متقدم على الجيش كالقائد .فيكون ابرهة نفسه مسيرا من قبل الفيل
.وهم مسيرون من قبل ابرهة ، فيكون المجموع مسيرا من قبل الفيل .فصحة النسبة إلى الفيل .
ثالثا:إن المكيين لو نظروا إلى الجيش العادي لقالوا:جاء الفيل مع جيشه المواكب له .ولعل أفراد الجيش نفسه لا يلتفتون دائما انهم في معية الفيل .ولكن هذا الشعور يكون
...........................................................................
ج 20 ،ص 361
واضحا لدى المشاهدين في مكة ،والقران نزل من زاوية فهم أهل مكة لا من زاوية فهم الجيش العادي.
سؤال : لماذا قال: (فِي تَضْلِيلٍ)(الفيل: من الآية2) ولم يقل في إضلال ؟
جوابه : ما قاله في الميزان (1) من أن التضليل والإضلال واحد . أقول : فا لثلاثي : ضل ضلالاً . وهو لازم . والرباعي منه يكون بالتضعيف : ضلل تضليلاً . والتهميز : أضل إضلالا ويكون متعديا على النحوين . وكلتا المادتين موجودتان في القرآن ، غير انه لم يرد بالتضعيف إلا في هذا المورد . وذلك لاجل حفظ النسق القرآني في السورة : الفيل . تضليل . ابابيل . سجيل .
سؤال : كيف جعل الله تعالى كيدهم في تضليل ؟ مع إن المفهوم منه هو التيه في الصحراء ، ولم يحصل .
جوابه : لعدة وجوه :
الوجه الأول : الإشارة إلى ضلال هدفهم أساسا وبطلانه ، وهو هدم الكعبة المشرفة . وانما جعل الله تعالى كذلك لاستحقاقهم بخباثة أنفسهم .
فان قلت : أن جعلهم ضالين ، بهذا النحو يلزم منه القول بالجبر .
قلت : أولاً : إننا يمكن أن نتنازل عن هذا الوجه إلى الوجوه الأخرى ، فلا يلزم القول بالجبر .
ثانياً :ليس كل إضلال يلزم منه الجبر ، وان كان الإضلال الابتدائي كذلك ، إلا أن هناك أنواعا من الإضلال إنما يحصل كعقوبة على ذنوب سابقة ، وهي من العقوبة المعجلة في الدنيا ، سواء كانت ظاهرية أو معنوية .
فمن العقوبات الظاهرية قوله تعالى : (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ) (هود:82)
ومن العقوبات المعنوية المعجلة قوله تعالى : (فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ) (التوبة:77)
وقوله سبحانه : (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ)(الجاثـية: من الآية23)
الوجه الثاني : إن المراد إفشالهم في حملتهم تلك . والضلال هو الفشل ، أما مجازاً ، أو باعتباره حصة منه بنحو المشترك المعنوي .
وهذا هو الأظهر ، بل إن هدف السورة هو الحديث عن تلك المعجزة الإلهية التي أوجبت النعمة بفشل الجيش المعادي .
الوجه الثالث : إن الضلال لا ينحصر في التيه ، بل هو التخطيط القاصر وعدم توقع الحوادث . فانهم مهما كانوا قد اخذوا الأمور بنظر الاعتبار ، لم يكونوا يتوقعون حصول المعجزة بردهم ، عن الكعبة . فعدم التوقع هذا ، ضلال وقصور . مع انه المناسب لقدسية البيت من ناحية أخرى .
فيكون تخطيطهم قاصراً وضالاً ، لانهم لم يحسبوا كل الاحتمالات . ولو حسبوها ما فعلوا ولاجاؤا.
بل نرى إن ابرهة بعد أن سمع من عبد المطلب رضوان الله عليه ، قوله : (1) للبيت رب يحميه . لم يتعظ . واستمر على عزمه على هدم الكعبة . وجدد الحملة في اليوم الثاني .
سؤال : ما هو الوجه في تكرار الاستفهام في الآيتين ، ثلاث مرات قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ) (الفيل:1)
(أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ) (الفيل:2)
جوابه : ذلك لاجل التركيز على هدف السورة، وأهمية المعنى .والتنبيه المتزايد للمخاطب المباشر ، وهو النبي (ص) والمخاطب غير المباشر وهم المسلمون بل الخلق أجمعين . وتكرار الاستفهام من الجوانب البلاغية المهمة . أي انتبهوا إن لم تكونوا منتبهين .
قوله تعالى : )وَأَرْسَلَ)(الفيل: من الآية3) .
الواو هنا – حسب مشهور المفسرين – عاطفة ، وقال في الميزان (2) : ولاية التي تتلوها عطف تفسير على قوله : (أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ) (الفيل:2) .
.............................................................................
(1) الدر المنثور ج 8 ، ص628
(2) ج20 ، ص362
أقول : ويمكن أن يكون تفصيلاً بعد إجمال . كأنه يريد ذكر تفاصيل الحادثة أو أسلوب التضليل والإفشال لجيش الفيل . وذلك بعد الإشارة الإجمالية له . ويكون المعنى : انه جعل كيدهم في تضليل عن طريق إرسال الأبابيل .
فالواو وقعت بعد الأجمال وقبل التفصيل . وإذا كانت وظيفتها هكذا . أمكن أن نجعل عدة أدوات محلها : إذ أرسل أو كما أرسل . فتكون كلها بمعنى واحد .
على إن قوله عن الواو إنها عاطفة ، لا يخلو من تسامح ، فإنها على أي حال ، من عطف جملة على جملة لا من عطف المفرد . وفي مثلها تسمى الواو استئنافية ولا يقال لها : عاطفة .
سؤال : من أي مادة صيغة لفظة : (أَبَابِيلَ)(الفيل: من الآية3) ؟
جوابه : قال في الميزان(1) : الأبابيل – كما قيل – جماعة في تفرقة زمرة زمرة . وقال الراغب: (2) متفرقة كقطعان الإبل .
أقول : أي إن العرب اشتقوا اسمها من الإبل لشبهها بقطعانه ، المتفرقة . ولكن هذا قابل للمناقشة لاكثر من وجه :
الوجه الأول : إذا كان المطلب هكذا أمكن الاشتقاق منه : تأبل يتأبل ، أي اصبح مثل الإبل . ولم يشتق منه العرب .إذن ، لا توجد صلة اشتقاقية بين الإبل والأبابيل . وانما المتشابهة من أجل الصدفة لاغير .
الوجه الثاني : انه لفظ خماسي أو سداسي . ولا يمكن الاشتقاق منه .
وعلى ضوء ذلك يمكن القول : أن العرب لم يكونوا مسبوقين بهذه اللفظة ، بل لعلها نازلة لاول مرة في القرآن الكريم . ويكون استعماله على أحد الوجوه التالية :
الأول : إن تكون معربة أو منقولة من لغة أخرى .
الثاني : أن تكون الكلمة نحتاً فورياً أو شخصياً ، غير مستند إلى اللغة . وهذا وان كان في نفسه محتملاً ، إلا أن الكلمة عندئذ تكون غير موضوعة في اللغة وغير مفهومة عرفاً .
الثالث : انه اسم عرفي لنوع من الطير (العصافير) مسمى بذلك كأنه كنية كأبي بريص وأبي قردان .
الرابع : إن اسمها مأخوذ من صوتها الممدود : بيل ، فيكون أبابيل تعبيراً عن مقطعين من صوتها . أو بمعنى ذو الصوت المشابه لكلمه بيل .
الخامس : ما احتمله بعضهم من إن المراد بكلمة : بيل : المسحاة وقد كان منقار هذا الطير عريضاً كالمسحات . فسميت ابابيل . أي ذات المسحاة .
السادس : أن يكون تشبيها بالمسحاة من ناحية عرض ذيلها . لامنقارها .
دخول الألف واللام عليه : الطير الأبابيل . مع انه ورد في الآية منكراً .
قلت : لأنه إن عرف . لكان مفاده إرسال كل أفراد هذا النوع إلى الجيش المعادي . مع أن الذي حصل انه سبحانه أرسل بعض أفراد النوع . أو قل : أفراداً قليلة منه ، ومع ذلك حصل به هلاك الجيش كله . وهذا بحد ذاته معجز معجزة .
سؤال : كيف أن طيراً مفرد وابابيل جمع . مع أن القياس خلافه ؟
جوابه : من عدة وجوه :
الوجه الأول : أن طيراً اسم جنس بمنزلة الجمع . وهو أدل على الجمع من طيور ، لأن الأخير محدد بالكثرة والقلة ، بينما أسم الجنس غير محدد ، بل يصدق على أفراد لا متناهية . ومعه يكون اسم الجنس أقوى دلالة . ومنه قوله تعالى : (ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ)(الذريات: من الآية24) . أي ضيوفه .
الوجه الثاني :انهما متماثلان في الأفراد . لأن أبابيل أسم لكل فرد من هذه الطيور . وكلاهما – أي طير وأبابيل – أسم جنس . لذا قال : (تَرْمِيهِمْ )(الفيل: من الآية4) . ولم يقل : يرمونهم .
فان قلت : لماذا قال ترميهم ؟
قلت : لوجهين :
أولا : إن الجمع بمنزلة المؤنث في الذوق العربي ، فيتعين التأنيث .
ثانيا : إننا لو تنزلنا عن تعين التانيث ، كان المتكلم مخيراً بينهما . ومن المعلوم أن ترميهم ، فاعله لا يعقل ويرمونهم لمن يعقل . لوجود واو الجماعة .فيتعين الأول أيضاً . ولا اقل من انه أختار الأولى أكيدا .
ولكن هذا الوجه (وهو كونهما متماثلين في الأفراد) قابل للمنقاشة بنص أهل اللغة(1) . على انه جمع . وقيل لاواحد له وقيل أن مفرده : بال أبول أو بيل .
ولكن يمكن الإيراد عليه : انه يمكن القول : إننا نسمي الواحد منها أبابيل . كما نسمي فرداً من الملائكة : ملائكة ، ولا نقول: ملك . وهو مطلب عرفي . لأن العرف يختار ما هو الأسهل له . فهذا لايدل على أن المراد بالأبابيل في الآية الجمع ، وان كان جمعاً لغةً .
الوجه الثالث : إن محل( ابابيل) من الأعراب , لا يخلو من أربعة احتمالات ، تصوراً : وهي أن تكون خبراً أو صفة أ, حالاً أو بدلاً . وما قيل من لزوم التجانس في الأفراد والجمع ، إنما يصدق على المبتدأ والخبر وعلى الصفة والموصوف . وليس المورد منها .
ولكنه أما أن يكون حالاً ، بمعنى : جماعات متفرقين ، وليس التطابق بالأفراد والجمع ضرورياً بين الحال وصاحبه .
واما أن يكون بدلاً ، إذا كان (علم جنس) ولابأس أيضاً بعدم التطابق بين البدل والمبدل منه .
وهنا نكتة لا ينبغي الأعراض عنها ، وهي : أن هذه السورة رغم صغرها ، استعملت ألفاظاً غير عربية عديدة ، وهي : الفيل والأبابيل ، والسجيل ، ونسبتها إلي السورة ككل كبيرة. بل هي أكبر نسبة من أي من سور القرآن الكريم .
وهذا الاستعمال وامثاله ، لا ينافي عربية القرآن الكريم ، لان هذه الألفاظ كانت سائدة ومستعملة بين العرب . فاتصفت بكونها عربية ، فاستعملها القرآن بهذه الصفة .
مضافاً إلى انه يمكن القول : بات استعمالها تطبيق من تطبيقات قوله تعالى : (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْ)(الأنعام: من الآية38) . أي استعمال عدة لغات في القرآن الكريم .
سؤال : كيف يمكن لهذه الحيوانات غير المدركة ، ان تهلك هذا الجيش العظيم ؟
جوابه : من عدة وجوه :
الوجه الأول : أنها يمكن أن لاتكون حيوانات فعلاً ، بل هي خلق أخر ، على شكل طير أبايل . وهي مدركة وليست قاصرة ، كأن تكون جناً أو ملائكة . كما روي (2) : إن كل طيرفي
........................................................................
راجع لسان العرب وغيره
الميزان . ج 20 ص363
........................................................................
منقاره حجر وفي رجليه حجران . وإذا رمت بذلك مضت وطلعت أخرى فلا يقع حجر من حجارتهم تلك إلا خرقه . ولا عظم أوهاه وثقبه . وفي رواية أخرى (1) : إنها كانت تحاذي رأس الرجل ثم ترميها على رأسه ، فيخرج من دبره ، حتى لم يبق منهم أحد .
فهذا التسديد في العمل ،ليس من وضيفة الطير المعروف حقيقة .
الوجه الثاني : انهم – بالرغم من كونهم حيوانات – فانهم موجهون بالمعجزة والتسديد الإلهي . حفظا للبيت العتيق . حيث آمرو بحسب غرائزهم بذلك ، فأنتجت فشل جيش الفيل .
الوجه الثالث : وهو ما يمكن أن يجاب به الماديون وإضرابهم .بأن نقول : انه ثبت إن بعض الحيوانات كالطير الزاجل يمكن أن ترسل إلى مسافات بعيدة حاملة معها رسائل ونحوها . وان كثيراً من أنواع الحيوانات الداجنة كالقطط والدجاج والماعز ، تهتدي لبيوت أصحابها . فليكن هذا الطير شيئاً من هذا القبيل .
سؤال : إن فاعل ترميهم ، هوالابابيل . وفاعل : جعلهم ، هو الله سبحانه ، والسياق ينبغي أن يكون واحداً ، فلماذا قال : فجعلهم ولم يقل : فجعلتهم ؟
جوابه : أولا : إن الأفعال في السورة كلها منسوبة إلى الله : فعل ويجعل وارسل وجعلهم . ألا ترميهم فانه يعود إلى الابابيل . لأن الله بهذا السبب جعلهم كعصف مأكول . وهذا هو هدف هذه السورة ، وهو بيان إلا انتقام الكبير بإرسال الابابيل .
ثانيا : إن القرآن قد نسب الكثير من معلولات الأسباب إلى نفسه . قال تعالى : (وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ) (القمر:13) . وقال : (فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً)(الإسراء: من الآية103) . وقال : (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ) (الواقعة(63*أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) (الواقعة:64) وقال : (أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ) (الواقعة:72) .
والفاعل الحقيقي في كل هذه الآيات هو الله سبحانه .
................................................
(1) الميزان ج20 ص363
والقرآن في هذه الآيات يعترف بالأسباب ويعترف بفعل الله تعالى . أي إن كلها نتيجة لفعل الأسباب ، وهي _ في نفس الوقت _ كلها نتيجة لفعل الله سبحانه . وهذا ما ثبتت صحته منطقيا وفلسفيا وعرفيا . وليس ألان مجال شرحه .
والنتيجة : هي انه مرة نسب الفعل إلى السبب وهو الابابيل . فقال : ترميهم . وأخرى نسبه إلى نفسه فقال : فجعلهم . . وكان بالإمكان نظرياً أن يجعل كلتا النسبتين إليه سبحانه أو كلتيهما إلى الابابيل . إلا انه اختار ما هو ألطف بلاغيا وعر فانيا .
وبتعبير أخر : أن الفعل فعل الله أصلاً ، وهو الذي أوجد النتيجة الاان الوسط أو الخريطة أو السبب هو ما أشير إليه في صدر السورة . وهو الأبابيل .
قوله تعالى : (تَرْمِيهِمْ)(الفيل: من الآية4)
قال العكبري (1) : وترميهم . نعت لطيراً . والكاف مفعول ثاني .
أقول : لأن الجمل بعد النكرات صفات . وجعل تأخذ مفعولين أي : جعل الله إياهم كعصف مأكول .
وقوله : والكاف مفعول ثاني . يعني في قوله : كعصف . وهو لا يخلو من تسامح لأن حرف الجر لا يكون مفعولاً . بل الاسم هو المفعول الثاني . وهو العصف المجرور بالكاف .
وهذا يمكن أن نضم إلى ذلك عدة أفكار :
أولا : إن الجار والمجرور ليس بنفسه مفعولا به . بل يحتاج إلى متعلق . وهو محذوف أو مقدر . وهو المفعول الثاني .
ثانيا : إن وجود الجار والمجرور يتبادلان . وذلك : في المنصوب بدل المجرور ، ويسمى المنصوب بنزع الخافض . أي بتقدير حرف الجر ويمكن أن يكون العكس أي الاستغناء عن النصب عن طريق وجود حرف الجر المناسب له والآية من هذا القبيل .
فبالرغم من دخول الكاف الجارة عليه ، ولم يخرج عن كونه مفعولاً ثانياً ، فيكون منصوباً محلاً . ويكون وجود الكاف كعدمها . فكأنه قال : فجعلهم عصفاً مأكولاً.
ثالثا : إن نواصب المفعولين ، ليس بالضرورة ، إن تنصب مفعولين بل قد تنصب مفعولاً واحداً ، إن أراد المتكلم ذلك ، والله تعالى اختار مفعولاً واحداً . واما الثاني فهو جار ومجرور . وبتعبير أخر : إننا إنما تحتاج إلى المفعولين عند عدم الدلالة على المعنى . وامااذا صح المعنى وتم ، فلا حاجة إلى وجود المفعول الثاني . فقد حذف للدلالة عليه . بل إن وجوده يجعل اللفظ سمجاً . فيكون القرآن قد اختار في التعبير افضل الفردين ، لأنه تشبيه بلاغي لطيف .
.................................................
ج2 ، ص158
.................................................
رابعا : إن الجار والمجرور ، سد مسد المفعول الثاني . أو نقول : انه قد أوضح معناه ودل عليه .
خامسا : قالوا : أن الكاف يأتي اسما بمعنى مثل . فيصح ما قاله الكعبري من كونها مفعولا ثانيا .
إلا أن هذا غير تام لاكثر من وجه واحد :
أولا : أنه يحتاج إلى شاهد لغوي سابق من شعر أو نثراً .
ثانياً : أن الكاف حرف . فما هو محل أعراب مدخوله ؟ أن قلت : أنه مضاف إليه . فهذا مما لا يمكن أن يقبله مدعى هذا القول . فأنه لا يوجد مثل ذلك في الأسماء الحرفية , لو صح التعبير , كالضمائر وأسماء الإشارة , أي أن يكون لها مضاف إليه .
وان قلنا : أن مدخوله مجرور بالحرف . فله لازم باطل . لانه يكون بالنسبة إلى ما قبله اسماً وبالنسبة إلى ما بعده حرفاً . وهذا جزاف من الكلام .
وعلى ذلك فمن الصعب أن نعتبر الكاف أسماً بمعنى : مثل . فيكون تصحيح كلام العكبري من هذه الناحية متعذراً .
سؤال : ما هو السجيل ؟
جوابه : قال الراغب في المفردات (1) : الجسَّل الدلو العظيمة . وسجلت الماء فانسجل أي صببته فانصب . واسجلته أعطيته سجلاً .
(1) المفردات / مادة سجل
أقول : انه حسب فهمي فأن سَدَلَ وسّجَلَ , مؤداهما واحد .وحاصله : تسليط جاذبية الأرض على الجسم . فسدل تستعمل للجمادات , مثل : سدل الستار . وسجل تستعمل للمائع , كسجل الماء أي صبه .
واضاف الراغب (2) والسجل , قيل : حجر كان يكتب فيه , ثم سمي كل ما يكتب فيه سجلا .
قال تعالى : ( كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ )(الانبياء: من الآية104)
أقول : أي محل التسجيل . كما نسمي الدفاتر سجلا . وقوله تعالى : ( كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ) . فيه أطروحتان للفهم :
الأولى : السجل : مكان المكتوب أو ظرفه مثل الجرارة . تطوى في داخلها الكتب . وهذا هو الفهم المشهوري .
الثانية : الكتب هي نفس الكتابة . والجمع منها :الكتابات . والسجل : أي شيء من ورق أو طين , يطوي الكتابات في داخله . والكتاب بمعنى الكتابة موجود في اللغة ومنه قول النبي ص فيما ورد أنه أمر أحد أصحابه فقال : تعالم كتاب يهود . أي لغتهم وكتابتهم .قال : فتعلمتها في ثلاثة أيام .
هذا , وقد وردت لفظة التسجيل في القرآن الكريم في ثلاث مواضع . أحدهما في هذه السورة , والأخريات في سورة هود آية( 82) وفي سورة الحجر الآية( 74) , لوصف الانتقام من قوم لوط : قال تعالى : (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ) (هود:82) .
وفي هذه الآية عقوبتان : الأولى : جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا . والثانية : وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ . فقد يقال : أن العقوبة الأولى تكفي للقضاء عليهم , فلا معنى للأمطار بالحجارة , بعد أن يجعل عاليها سافلها .
وجوابه : من وجهين كلاهما نسوقهما كأطروحة محتملة :
الوجه الأول : أنه ليس المراد من جعل عاليها سافلها المعنى المادي على ما رويه في رواية ضعيفة السند (2)
بل المراد المعنى المعنوي , وهو : أذلا أعزائها وسلب السلطنة عن متوليها . فالمعجزة المادية هي الرجم بالحجارة , وليس الانقلاب الحقيقي للأرض .
الوجه الثاني : أن الله تعالى جمع بين العقوبتين زيادة في النكاية عليهم . لانهم كانوا شديدي الفسق , ومتجاهرين باللواط . فقلب الأرض ورجمها , ليس حقداً , بل تسجيلا اعلامياً لاجل إفهام الآخرين من الناس , بأنه يستحقون ذلك , وبالتالي يؤدي إلى هداية الأخريين وتفقههم . وقال تعالى : (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) (الحجر:72) (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ) (الحجر:73). (فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ) (الحجر:74) : (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) (الحجر 75) .
فأشار سبحانه إلى نفس القصة . ولكن بألفاظ أخرى . وعاليها سافلها بالمعنى المادي أو المعنوي على ما مر .
والمراد من : مشرقين : وقت إشراق الشمس . ولامعنى لان يكون المراد به المكان ، لان كل مكان فهو شرق لغيره .
سؤال : ذكر في سورة هود عقوبتين . وفي سورة الحجر ثلاث عقوبات . فما هو وجه الجمع بين الآيتين ؟
جوابه : لعدة وجوه :
أولا : انه ليس في الآية التي في سورة هود مفهوم مخالفة ، بحيث ينفي حصول شيء أتخر فما لم يذكر فيها لايعني عدم وجوده .
ثانيا : إن الصيحة المذكورة في سورة الحجر ، هي نفس انقلاب الأرض . العقوبة ثالثة . ويدعمه الترتيب بالفاء ، كأن الصيحة هو صوت انقلاب الأرض ، فهي معلول وليس علة .
ثالثا : إن نحمل ( عاليها سافلها ) في سورة الحجر ، على المعنى المعنوي . ومعه لا يكون هناك دليل على انهم ماتوا جميعاً من الصيحة . بل يمكن انهم أغمي عليهم ، ثم قضي عليهم بالرجم .
هذا وقد ورد لفظ مشابه للسجيل نطقاً ومعنى في القرآن الكريم وهو السجين . وكلاهما من أصل غير عربي . قال تعالى : (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ) (المطففين:7) (وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ) (المطففين: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ) (المطففين: .
سؤال : فما هو معنى سجين ؟
جوابه : قال الراغب (1) : السجين : اسم لجهنم بأزاء عليين . وزيد لفظه تنبيهاً على زيادة معناه وقال الرازي
(2) في هامش العكبري : إن سجينا اسم للأرض السابعة ، وهو فعيل من السجن .
..............................................................
(1) المفردات مادة سجن ..
(2) ج2 ص146
أقول : كاطروعة : إن سجين صيغة مبالغة من (سجن) فالسجن بالكسر هو المكان والسجين بالتخفيف ، مكينة أي المسجون . والسجين بالتشديد صيغة، مبالغة ، باعتبار إن السجن له مراتب تختلف شدة ضعفاً والصعب منه سجين ، أي شديد السجن .
إن قلت : انه اسم لجهنم نفسها ، وليس لمن يسجن فيها ويعذب .
قلت : هو تسمية المكان بالمكين ، فالمكان هو جهنم ، والمكين هو من يعذب فيها . لأنها سبب عذابهم .
وهذه اللفظة ، اعني سجين ، وردت في القرآن مرتين ، كلتاهما في سورة المطففين . قال تعالى : (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ) (المطففين:7)
(وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ) (المطففين:
(كِتَابٌ مَرْقُومٌ) (المطففين:9) .
وهي تقابل عليين ، كما قال الراغب (1) ، لقوله في نفس السورة : (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ) (المطففين:18)
(وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ) (المطففين:19)
(كِتَابٌ مَرْقُومٌ) (المطففين:20)
وفي قوله : في سجين ، إشارة إلى المكان المدلول عليه بفي . ومحل إعراب الجملة : (كتاب مرقوم ) هو كونه خبراً لمبتدأ محذوف تقديره : سجين .
ومن هنا ينشأ إشكال ، وحاصله : إن سجين في الآية السابقة بمعنى المكان . وهي بمعنى الكتاب ، لأنه يقول بعد التقدير : سجين كاب مرقوم . فما جوابه ؟
أقول : انه نشأ الأشكال على ضوء التقدير بأعتبار كونه هو المبتدأ المحذوف : سجين . إما لو كان التقدير هو كتاب مرقوم ، فهو استفهام لتعظيم شأنه وبيان حرمته ، فينتهي السياق بقوله : ما أدراك ما سجين . ثم يقول بعد ذلك : إن كتاب الفجار هو كتاب مرقوم ولا حاجه إلى رجوعه إلى سجين . وان كان سجين اقرب لعوده إليه . ولكن ينشأ الأشكال معه وما يقال في سجين يقال في عليين .
ولكن مع ذلك نقول : إن هذا الكلام من قبيل المجاز ، لأنه ليس في جهنم كتاب مرقوم ، أي مكتوب . وانما : أما إن نفهم من كتاب مرقوم : أي كتابة مكتوبة . كأنهما لفظان مترادفان . أو أن نفهم من الكتاب : المجلد الذي فيه اقتضاء الكتابة أو أوراق الكتابة .
................................................
المفردات مادة سجين .
...............................................
وما ذكر في الآية رمز للكتاب التكويني . وهو قد رقم وسجل بالإرادة التكوينية . ما هو ؟ هو نفس علمنا : عمل الفجار وعمل الأبرار .
وعلى ضوء كل ما تقدم نقد السؤال الأتي :
سؤال : ما هي المقارنة بين السجيل والسجين ؟
جوابه : انه يوجد بينهما نحو تشابه ، ونحو اختلاف .
فوجه التشابه إن كليهما سبب للعذاب . ومن ناحية اثباتية : (كلامية أو بلاغية ) فقد استعمله القرآن الكريم من أجل إرهاب القارئ وتخويفه ، مضافاً إلى إظهار عظمة الله سبحانه ، وابراز أهمية البيت الذي حصل الدفاع عنه .
ووجه الاختلاف في المعنى : إن السجيل عبارة عن حجر ، والسجين عبارة عن جهنم وما يحصل فيها . وكلاهما سبب للعذاب . وتعبير عن غضب الله سبحانه .
ويتحصل من ذلك عدة نتائج :
فأننا قد نزعم إن أحدهما عين الأخر ، هو هو . كأنه قال : ترميهم بحجارة من سجين وقد استعمل آلام اختياراً .
ويترتب على ذلك بعض النتائج المحددة . منها : أن الحجارة إذا كانت من سجين ، فهي قاتلة بالضرورة . لأنها ليست طيناً . لعدة احتمالات :
أولا : إن نقول : إنها حجارة من جهنم . مع افتراض إن الطير قد أخذها من جهنم ورما بها الجيش المعادي . لكن هذا لايتم إلا بافتراض انهم لم يكونوا طيراً بل خلقاً أخر على صورة الطير ، وهم متسلطون على الدنيا والآخرة ، فأن جهنم في الآخرة ، فقد أخذوا الحجر من الآخرة ورموه في الدنيا ، بأعتبار كونهم مخولين من قبل الله سبحانه بذلك .
وحجر جهنم قاتل بلا شك ، كما يروي في قوله تعالى : (فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ)(الحاقة: من الآية32) . عن الصادق عليه السلام (1) : لو إن حلقة واحدة من السلسلة وضعت على الدنيا لذابة الدنيا لذابت الدنيا من حرها .
ثانيا : إن نقول : إن سجيل لم يرد بها جهنم وانما هي حارة إلى حد تشبه حرارة جهنم . فتلقى على جسد الإنسان فتقتله .
......................................................
انظر تفسير الصافي ج2 ، ص74
.......................................................
ثالثا : إن تكون هذه الحجارة سريعة جداً . والسرعة هي المؤثرة في القتل . كما لو تصورنا ان سرعتها أكثر من سرعة الضوء .
والقدرة هذه ، أما إنها أتت من نفس هذا الحيوان . أو إنها حدثت بعد انفصالها من منقاره بقدرة الله سبحانه ، فتدخل في سرعتها من أحد الجانبين وتخرج من الجانب الأخر .
رابعا : إن تكون قنبلة تحملها الطير تسقط على الفرد وتقتله ، أو نقول : إنها لاتحملها الطير بل الأجهزة الخاصة المناسبة لها . والأبابيل ليس طيراً بل جيشاً مضاداً يقف أمام جيش ابرهة .
ولكن مثل هذا الوجه مخالف لظاهر القرآن ، فلا يكون حجة . لما ورد عنهم عليهم السلام من أن (1) : ما خالف قول ربنا زخرف باطل . اضرب به عرض الجدار مضافا إلى اليقين التاريخي ، بعد وجود مثل هذا الجيش المحارب في الجزيرة العربية وعدم وجود مثل هذا السلاح أيضاً ز
هذا وقد ذكر القاضي عبد الجبار (2) في هذا الصدد سؤالين :
سؤال : كيف يصح في الطير الصغير أن يرسل الحجر ، فيؤثر في الناس التأثير الذي ذكره تعالى في السورة؟
جوابه : من وجوه :
الوجه الأول : بأن يزيد الله تعالى في قوة الطيور بحيث يؤثر ذلك الحجر ذلك التأثير العظيم .
الوجه الثاني : إن يكون الله تعالى عند رمي الطير ، جعل فيه الانحدار الشديد بحيث يؤثر هذا التأثير .
أقول : الوجه الأول لا يكفي وذلك : لان قدرة الطير لايعني قدرة الحجارة من الطين بحيث تكون قاتلة . والوجه الثاني غير بمجردة أيضاً .
إلا أن نذكر له وجهين أخرين وهما :
الأول : ما ذكرناه سابقاً من السرعة الشديدة للحجر وفي الطائر كأن تكون كسرعة الضوء . وبالتالي تخترق الجسم البشري .
.........................................................
انضر الوسائل كتاب القضاء ج18 ص78-79
تنزيه القرآن عن المطاعن – ص480
...........................................................
الثاني : وجود الحرارة العالية جداً في الحجارة ، باعتبارها من (سجيل) . فلا تكن قابلة للانطفاء فتبقى متوقدة إلى حال خروجها . ولا تنالها رطوبة جسم الإنسان .
ويمكن الجمع بين هذين الوجهين أعني السرعة والحرارة . ولولا ذلك لما كان لما قاله القاضي عبد الجبار أي اثر .
سؤال : ما هو العصف ، في قوله تعالى كعصف مأكول .
جوابه : قال الراغب في المفردات (1) العصف والعصفة الذي يعصف من الزرع . ويقال لحطام النبت الميكسر عصف قال : والحب ذو العصف والريحان – كعصف مأكول – ريح عاصف . وعاصفة ومعصفة تكسر الشيء فتجعله : كعصف . وعصفة به الريح ، تشبيها بلك .
أقول : يتحصل من ذلك : إن عاصفة بمعنى كاسرة لما تمر عليه ، من النبات ، وذلك في الريح الشديدة .
وقال في الميزان (2) العصف ورق الزرع والعصف المأكول ورق الزرع الذي أكل حبه ، أو قشر الحب الذي أكل لبه .
أقول : أي إن العصف هو ورق الزرع ، كورق الحنطة والشعير . وقوله : قشر الحب الذي أكل لبه ... فيه تسامح . وحقه أن يقال : هو الحب الذي أكل لبه ، يعني ما بداخل قشره .
هذا ، ويمكن الجمع بين الوجهين – التكسر والحب ، بالحب المتكسر . لأن الحب يتكسر بعدة أمور طبيعية وعرفية . أهمها : حين ينبت منها النبات . مضافا إلى تقشيره من أجل طحنه وأكله . وكذلك النوى غير المأكول، فإنها كلها تتعصف بنباتاتها .
سؤال : لماذا لم يقل : فجعلهم عصفاً مأكولا ؟
جوابه : في هذا الوجه نقطتا ضعف :
الأولى : أنه لم يجعلهم كذلك بنحو الحقيقة . بل جعلهم كعصف مأكول ، أي مثل العصف . والجثث المتناثرة ، ليست عصفاً مأكول ، بل كالعصف .
الثانية : إننا مع التنزل عن الوجه الأول ، ممكن أن نقول : فجعلهم عصفاً مأكولاً مجازاً . ولكن تأتي مسألة حفظ النسق ووحدة السياق اللفظي . وهو مقتضى الحكمة والفصاحة .
...........................................
المفردات مادة (عصف )
ج20 ص36
..........................................
سؤال : كيف نتصور العصف المأكول ؟
جوبه : ما فهمه المفسرون . بما فيهم صاحب الميزان ، من أنها جثث ساقطة على ألأرض . ويؤيده النقل الخارجي والتاريخي .
أقول : ولكن بذلك لم يحصل تقطع وعصف . ويجيب المشهور بأن التقطع حصل في الجيش . بأعتبار فشله وتقطع أفراده وهو نحو من التقطع المعنوي .
والذي أفهمه أكثر من ذلك : إن الجسد الواحد منها كأنه أصبح قطعاً قطعاً . كالشجرة الواحدة المتكسرة . ويؤيده وصفه بالمأكول .
مضافا : إلى أننا لو فهمنا من العصف الأغصان المتكسرة ، كفى أن يكون كل واحد منهم قد انقطع إلى قطعتين أو أكثر . ولكن إذا فهمنا من العصف : الحب والنوى . وهي صغيرة بطبيعة الحال . فلا بد أ، نتصور صاروا قطعاً صغيرة . وان لم تكن بحجم الحنطة نفسها ، فأن التعبير مجازي على أي حال ، والمهم أن الجسم اصبح عشرات القطع فلايرى هنالك جيش وجثث ، بل لحم متناثر .
هذا ، وللمأكول تقسيمان :
التقسيم الأول : المأكول حقيقتاً ، كما في حب الحنطة ، والمأكول مجازاً ، أي على شكل ما كان مأكولاً .
التقسيم الثاني : المأكول فعلاً ، وهو المطبوخ في ما يحتاج إلى الطبخ والمأكول اقتظاء . أي كونه قابلاً للأكل. وبضرب أثنين باأثنين تصبح الأقسام أربعة :
القسم الأول : القطع المأكولة مجازاً ، فأن العصف هو القطع الصلبة كالحجر والخشب إلا أن هذا قطع لينه ، لأنها أجساد بشرية .
القسم الثاني : القطع المأكولة حقيقة ، كالحم المقطع المأكول . وهذا تشبيه مباشر . وفيه إشعار بالتشبيه بالحيوانات .
القسم الثالث : الحب المأكول مجازاً ، فأن لحومهم متناثرة وغير مأكولة . وانما عبر ذلك لكون منظرها كأنها لحوم مطبوخة.
القسم الرابع : الحب المأكول حقيقة .
وقد ظهر وجه الشبه في المأكول فعلاً . وفيه منظر شديد لم يفهمه المفسرون ، لانهم فهموا إن الجثث سليمة ، مع إنها لا تبدو كذلك ، باعتبار قوله : كعصف مأكول . فأن هذا لايتم عادة في حجر واحد في كل إنسان واحد .
إن قلت : إنكم رجحتم في معنى العصف بأنه الأجزاء المتكسرة والنبات المتقطع . والحب مصداق منها . باعتباره أجزاء صغيرة من النبات . بينما قال تعالى في سورة الرحمن : (وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ) (الرحمن:12) . فوصف الحب بأنه ذو العصف . فيكون من وصف الشيء بنفسه . وهو باطل .
قلت : جوابه من عدة وجوه :
أولا : نحن لم نقل أن العصف هو الحب بشرط لاعن الزيادة . بل هو مطلق الأجزاء المتكسرة من النبات . فيرجع المعنى – ولو مجازاً – إلى المصدري وهو التكسر .
ثانيا : إن نقول : إن الحب هو كل قطعة مستقلة من الثمار . كالتفاح والرقي وغيرهما ، وليس معناه منحصراً الحب الصغير كالعنب والتمر والحنطة والشعير . ومعه يكون الحب - بهذا المعنى :- ذو العصف أي ذو حب في داخله . فنحمل معنى الحب على إحدى الحصتين ونحمل معنى العصف على الحصة الأخرى .
ثالثا : انه بعد التنزل عن الوجه الثاني باختيار القول بأن الحب هو خصوص الحب الصغير ، كالحنطة والشعير ولا يوجد في داخلها حب أخر ولكننا مع ذلك ، يمكن إن نفهم منه : الحب ذو التكسر .
وذا تكسر الحب ظهر لبه . أي نفهم من الحب لبه والعصف قشره . كما يمكن العكس . وان كان الأول ارجح على أي حال .
السؤال الأخر : الذي ذكره القاضي عبد الجبار في كتابه (1) :
كيف يصح ذلك ، ولم يكن في الزمان نبي . وهذا من المعجزات العظام ؟
جوابه : انه لابد من نبي في الزمان يكون هذا الأمر معجزة له . وقد كان قبل نبينا أنبياء بعثوا إلى مخصوصين . فلا يمتنع إن يكون هذا الأمر ظهر على بعضهم . كما
..................................
تنزيه القرآن عن المطاعن- ص480
..................................
روي انه (ص) قال في خالد بن سنان :- ذلك نبي ضيعه قومه . وقال في قس بن ساعدة : انه يبعث يوم القيامة أمة واحدة لقلة من قبل عنه . فهذه طريقة الكلام في هذا الباب .
أقول : يمكن أن نقبل نبوة هؤلاء كأطروحة . ولكن ذلك لا يكون جواباً على سؤاله الرئيسي : لكبرى معينة ، وحاصلها : إن النبي يجب أن يكون صاحب معجزة ، بحيث يصدق ، بحسب التسبيب انه أوجدها بدعاء ونحوه. وكلاهما لم يتسببا لوجود تلك المعجزة ، اعني القضاء على الجيش المعادي . فتكون الصغرى مخدوشة ، وان صحة الكبرى إلا أن الصحيح هو الطعن بالكبرى التي أخذها القاضي عبد الجبار مسلمة ، وهي انحصار حصول المعجزة بوجود النبي . وانما نحتاج إلى معجزة لنصرة الحق ، وهو الذي حصل فعلاً ، انتصاراً للبيت الحرام ، والكعبة المشرفة .
تأليف : السيد محمد الصدر
الجزء الرابع
سورة الفيل
مكتب السيد الشهيد الصدر (قد) في عفك
في تسميتها ثلاث اطروحات فقط :
أولا : سورة الفيل .
ثانياً :السورة التي ذكر فيها الفيل .
ثالثاً : إعطاؤها رقمها في تسلسلها من المصحف وهو (105) .
سؤال : ما هو محتوى الاستفهام في قوله تعالى : ألم ؟
جوابه : أن له شكلين من المحتوى :
الشكل الأول : أن يكون اعتيادياً ، وليس استفهاماً استنكارياً وذلك إذا كان متعلقاً بحادثة الفيل . لأن الحادثة أخذت في السورة مسلمة الصحة ، كما هي كذلك . غاية الأمر انه استفهام عن العدم الذي لم يتحقق لا عن الوجود الذي حصل .
الشكل الثاني : أن يكون استفهاماً استنكارياً . في ما إذا كان متعلقة الرؤية , وليست أصل الحادثة . كما هو الأوفق بالوجدان .
فأنه قد يتوهم أن المتعلق هو الحادثة الرئيسية كما قلنا , إلا أنه ليس بصحيح لاكثر من وجه واحد :
أولا : أن مدخوله الروية في قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ)(الفيل: من الآية1) .
ثانياً : أنه خصص حرفاً استفهاميا أخر لحادثة الفيل هو كيف فقال ( كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ)(الفيل: من الآية1) . فخص القرآن لكل منهما أداة استفهام . فالأول استفهام عن الرؤية والآخر عن شكل الحادثة .
سؤال : ما لمراد بالرؤية في قوله : (أَلَمْ تَرَ) ؟
جوابه : من عدة وجوه :
الوجه الأول : ما ذكره في الميزان (1) من أن : المراد بالرؤية العلم الظاهر ظهور الحس .
أقول : فيكون المعنى : ألم تعلم علماً قريباً من الإحساس . فكأنه مشاهد للحادثة وأن لم يكن كذلك فعلا لأنها . لأنها قريبة من تاريخهم ومتواترةٌ ومهمة . ولم يكن العرب قد شاهدوا الفيل قبل ذلك الحين .
الوجه الثاني : أن المخاطب ليس هو النبي (ص) بل غيره , من قبيل إياك أعني فأسمعي يا جارة .لأن الفاصل بين نزول الوحي والحادثة . أربعون سنة . ولم يكن النبي (ص) قد شاهدها ، إلا أن هناك الكثير من كبار السن الموجودين في ذلك المجتمع ممن شاهدها فعلاً . وهم المخاطبون بالآية الكريمة .
الوجه الثالث : أن يراد به رؤية النبي(ص) بالعلم الباطن ، يكشفها الله تعالى له0
أن مؤدي الاستفهام عن الرؤية استنكاري ،فيؤدي إلى الجزم بالإثبات ، عن حصول الرؤية والعلم .
سؤال : من هم أصحاب الفيل ؟
جوابه : ابرهة ،وهو صاحب الفيل وقد عبر عن الجيش كله بأصحاب الفيل. مع انه صاحبه واحد .
فان قلت: فانه لماذا عبر عن الجيش بأصحاب الفيل ؟
قلت : لعدة وجوه :
أولا: لانهم اتباع ابرهة صاحب الفيل ، وهو الذي خطط لهم بان يكون سيرهم حيث سار الفيل ووقوفهم حيث وقف .
ثانيا: إن الفيل متقدم على الجيش كالقائد .فيكون ابرهة نفسه مسيرا من قبل الفيل
.وهم مسيرون من قبل ابرهة ، فيكون المجموع مسيرا من قبل الفيل .فصحة النسبة إلى الفيل .
ثالثا:إن المكيين لو نظروا إلى الجيش العادي لقالوا:جاء الفيل مع جيشه المواكب له .ولعل أفراد الجيش نفسه لا يلتفتون دائما انهم في معية الفيل .ولكن هذا الشعور يكون
...........................................................................
ج 20 ،ص 361
واضحا لدى المشاهدين في مكة ،والقران نزل من زاوية فهم أهل مكة لا من زاوية فهم الجيش العادي.
سؤال : لماذا قال: (فِي تَضْلِيلٍ)(الفيل: من الآية2) ولم يقل في إضلال ؟
جوابه : ما قاله في الميزان (1) من أن التضليل والإضلال واحد . أقول : فا لثلاثي : ضل ضلالاً . وهو لازم . والرباعي منه يكون بالتضعيف : ضلل تضليلاً . والتهميز : أضل إضلالا ويكون متعديا على النحوين . وكلتا المادتين موجودتان في القرآن ، غير انه لم يرد بالتضعيف إلا في هذا المورد . وذلك لاجل حفظ النسق القرآني في السورة : الفيل . تضليل . ابابيل . سجيل .
سؤال : كيف جعل الله تعالى كيدهم في تضليل ؟ مع إن المفهوم منه هو التيه في الصحراء ، ولم يحصل .
جوابه : لعدة وجوه :
الوجه الأول : الإشارة إلى ضلال هدفهم أساسا وبطلانه ، وهو هدم الكعبة المشرفة . وانما جعل الله تعالى كذلك لاستحقاقهم بخباثة أنفسهم .
فان قلت : أن جعلهم ضالين ، بهذا النحو يلزم منه القول بالجبر .
قلت : أولاً : إننا يمكن أن نتنازل عن هذا الوجه إلى الوجوه الأخرى ، فلا يلزم القول بالجبر .
ثانياً :ليس كل إضلال يلزم منه الجبر ، وان كان الإضلال الابتدائي كذلك ، إلا أن هناك أنواعا من الإضلال إنما يحصل كعقوبة على ذنوب سابقة ، وهي من العقوبة المعجلة في الدنيا ، سواء كانت ظاهرية أو معنوية .
فمن العقوبات الظاهرية قوله تعالى : (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ) (هود:82)
ومن العقوبات المعنوية المعجلة قوله تعالى : (فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ) (التوبة:77)
وقوله سبحانه : (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ)(الجاثـية: من الآية23)
الوجه الثاني : إن المراد إفشالهم في حملتهم تلك . والضلال هو الفشل ، أما مجازاً ، أو باعتباره حصة منه بنحو المشترك المعنوي .
وهذا هو الأظهر ، بل إن هدف السورة هو الحديث عن تلك المعجزة الإلهية التي أوجبت النعمة بفشل الجيش المعادي .
الوجه الثالث : إن الضلال لا ينحصر في التيه ، بل هو التخطيط القاصر وعدم توقع الحوادث . فانهم مهما كانوا قد اخذوا الأمور بنظر الاعتبار ، لم يكونوا يتوقعون حصول المعجزة بردهم ، عن الكعبة . فعدم التوقع هذا ، ضلال وقصور . مع انه المناسب لقدسية البيت من ناحية أخرى .
فيكون تخطيطهم قاصراً وضالاً ، لانهم لم يحسبوا كل الاحتمالات . ولو حسبوها ما فعلوا ولاجاؤا.
بل نرى إن ابرهة بعد أن سمع من عبد المطلب رضوان الله عليه ، قوله : (1) للبيت رب يحميه . لم يتعظ . واستمر على عزمه على هدم الكعبة . وجدد الحملة في اليوم الثاني .
سؤال : ما هو الوجه في تكرار الاستفهام في الآيتين ، ثلاث مرات قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ) (الفيل:1)
(أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ) (الفيل:2)
جوابه : ذلك لاجل التركيز على هدف السورة، وأهمية المعنى .والتنبيه المتزايد للمخاطب المباشر ، وهو النبي (ص) والمخاطب غير المباشر وهم المسلمون بل الخلق أجمعين . وتكرار الاستفهام من الجوانب البلاغية المهمة . أي انتبهوا إن لم تكونوا منتبهين .
قوله تعالى : )وَأَرْسَلَ)(الفيل: من الآية3) .
الواو هنا – حسب مشهور المفسرين – عاطفة ، وقال في الميزان (2) : ولاية التي تتلوها عطف تفسير على قوله : (أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ) (الفيل:2) .
.............................................................................
(1) الدر المنثور ج 8 ، ص628
(2) ج20 ، ص362
أقول : ويمكن أن يكون تفصيلاً بعد إجمال . كأنه يريد ذكر تفاصيل الحادثة أو أسلوب التضليل والإفشال لجيش الفيل . وذلك بعد الإشارة الإجمالية له . ويكون المعنى : انه جعل كيدهم في تضليل عن طريق إرسال الأبابيل .
فالواو وقعت بعد الأجمال وقبل التفصيل . وإذا كانت وظيفتها هكذا . أمكن أن نجعل عدة أدوات محلها : إذ أرسل أو كما أرسل . فتكون كلها بمعنى واحد .
على إن قوله عن الواو إنها عاطفة ، لا يخلو من تسامح ، فإنها على أي حال ، من عطف جملة على جملة لا من عطف المفرد . وفي مثلها تسمى الواو استئنافية ولا يقال لها : عاطفة .
سؤال : من أي مادة صيغة لفظة : (أَبَابِيلَ)(الفيل: من الآية3) ؟
جوابه : قال في الميزان(1) : الأبابيل – كما قيل – جماعة في تفرقة زمرة زمرة . وقال الراغب: (2) متفرقة كقطعان الإبل .
أقول : أي إن العرب اشتقوا اسمها من الإبل لشبهها بقطعانه ، المتفرقة . ولكن هذا قابل للمناقشة لاكثر من وجه :
الوجه الأول : إذا كان المطلب هكذا أمكن الاشتقاق منه : تأبل يتأبل ، أي اصبح مثل الإبل . ولم يشتق منه العرب .إذن ، لا توجد صلة اشتقاقية بين الإبل والأبابيل . وانما المتشابهة من أجل الصدفة لاغير .
الوجه الثاني : انه لفظ خماسي أو سداسي . ولا يمكن الاشتقاق منه .
وعلى ضوء ذلك يمكن القول : أن العرب لم يكونوا مسبوقين بهذه اللفظة ، بل لعلها نازلة لاول مرة في القرآن الكريم . ويكون استعماله على أحد الوجوه التالية :
الأول : إن تكون معربة أو منقولة من لغة أخرى .
الثاني : أن تكون الكلمة نحتاً فورياً أو شخصياً ، غير مستند إلى اللغة . وهذا وان كان في نفسه محتملاً ، إلا أن الكلمة عندئذ تكون غير موضوعة في اللغة وغير مفهومة عرفاً .
الثالث : انه اسم عرفي لنوع من الطير (العصافير) مسمى بذلك كأنه كنية كأبي بريص وأبي قردان .
الرابع : إن اسمها مأخوذ من صوتها الممدود : بيل ، فيكون أبابيل تعبيراً عن مقطعين من صوتها . أو بمعنى ذو الصوت المشابه لكلمه بيل .
الخامس : ما احتمله بعضهم من إن المراد بكلمة : بيل : المسحاة وقد كان منقار هذا الطير عريضاً كالمسحات . فسميت ابابيل . أي ذات المسحاة .
السادس : أن يكون تشبيها بالمسحاة من ناحية عرض ذيلها . لامنقارها .
دخول الألف واللام عليه : الطير الأبابيل . مع انه ورد في الآية منكراً .
قلت : لأنه إن عرف . لكان مفاده إرسال كل أفراد هذا النوع إلى الجيش المعادي . مع أن الذي حصل انه سبحانه أرسل بعض أفراد النوع . أو قل : أفراداً قليلة منه ، ومع ذلك حصل به هلاك الجيش كله . وهذا بحد ذاته معجز معجزة .
سؤال : كيف أن طيراً مفرد وابابيل جمع . مع أن القياس خلافه ؟
جوابه : من عدة وجوه :
الوجه الأول : أن طيراً اسم جنس بمنزلة الجمع . وهو أدل على الجمع من طيور ، لأن الأخير محدد بالكثرة والقلة ، بينما أسم الجنس غير محدد ، بل يصدق على أفراد لا متناهية . ومعه يكون اسم الجنس أقوى دلالة . ومنه قوله تعالى : (ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ)(الذريات: من الآية24) . أي ضيوفه .
الوجه الثاني :انهما متماثلان في الأفراد . لأن أبابيل أسم لكل فرد من هذه الطيور . وكلاهما – أي طير وأبابيل – أسم جنس . لذا قال : (تَرْمِيهِمْ )(الفيل: من الآية4) . ولم يقل : يرمونهم .
فان قلت : لماذا قال ترميهم ؟
قلت : لوجهين :
أولا : إن الجمع بمنزلة المؤنث في الذوق العربي ، فيتعين التأنيث .
ثانيا : إننا لو تنزلنا عن تعين التانيث ، كان المتكلم مخيراً بينهما . ومن المعلوم أن ترميهم ، فاعله لا يعقل ويرمونهم لمن يعقل . لوجود واو الجماعة .فيتعين الأول أيضاً . ولا اقل من انه أختار الأولى أكيدا .
ولكن هذا الوجه (وهو كونهما متماثلين في الأفراد) قابل للمنقاشة بنص أهل اللغة(1) . على انه جمع . وقيل لاواحد له وقيل أن مفرده : بال أبول أو بيل .
ولكن يمكن الإيراد عليه : انه يمكن القول : إننا نسمي الواحد منها أبابيل . كما نسمي فرداً من الملائكة : ملائكة ، ولا نقول: ملك . وهو مطلب عرفي . لأن العرف يختار ما هو الأسهل له . فهذا لايدل على أن المراد بالأبابيل في الآية الجمع ، وان كان جمعاً لغةً .
الوجه الثالث : إن محل( ابابيل) من الأعراب , لا يخلو من أربعة احتمالات ، تصوراً : وهي أن تكون خبراً أو صفة أ, حالاً أو بدلاً . وما قيل من لزوم التجانس في الأفراد والجمع ، إنما يصدق على المبتدأ والخبر وعلى الصفة والموصوف . وليس المورد منها .
ولكنه أما أن يكون حالاً ، بمعنى : جماعات متفرقين ، وليس التطابق بالأفراد والجمع ضرورياً بين الحال وصاحبه .
واما أن يكون بدلاً ، إذا كان (علم جنس) ولابأس أيضاً بعدم التطابق بين البدل والمبدل منه .
وهنا نكتة لا ينبغي الأعراض عنها ، وهي : أن هذه السورة رغم صغرها ، استعملت ألفاظاً غير عربية عديدة ، وهي : الفيل والأبابيل ، والسجيل ، ونسبتها إلي السورة ككل كبيرة. بل هي أكبر نسبة من أي من سور القرآن الكريم .
وهذا الاستعمال وامثاله ، لا ينافي عربية القرآن الكريم ، لان هذه الألفاظ كانت سائدة ومستعملة بين العرب . فاتصفت بكونها عربية ، فاستعملها القرآن بهذه الصفة .
مضافاً إلى انه يمكن القول : بات استعمالها تطبيق من تطبيقات قوله تعالى : (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْ)(الأنعام: من الآية38) . أي استعمال عدة لغات في القرآن الكريم .
سؤال : كيف يمكن لهذه الحيوانات غير المدركة ، ان تهلك هذا الجيش العظيم ؟
جوابه : من عدة وجوه :
الوجه الأول : أنها يمكن أن لاتكون حيوانات فعلاً ، بل هي خلق أخر ، على شكل طير أبايل . وهي مدركة وليست قاصرة ، كأن تكون جناً أو ملائكة . كما روي (2) : إن كل طيرفي
........................................................................
راجع لسان العرب وغيره
الميزان . ج 20 ص363
........................................................................
منقاره حجر وفي رجليه حجران . وإذا رمت بذلك مضت وطلعت أخرى فلا يقع حجر من حجارتهم تلك إلا خرقه . ولا عظم أوهاه وثقبه . وفي رواية أخرى (1) : إنها كانت تحاذي رأس الرجل ثم ترميها على رأسه ، فيخرج من دبره ، حتى لم يبق منهم أحد .
فهذا التسديد في العمل ،ليس من وضيفة الطير المعروف حقيقة .
الوجه الثاني : انهم – بالرغم من كونهم حيوانات – فانهم موجهون بالمعجزة والتسديد الإلهي . حفظا للبيت العتيق . حيث آمرو بحسب غرائزهم بذلك ، فأنتجت فشل جيش الفيل .
الوجه الثالث : وهو ما يمكن أن يجاب به الماديون وإضرابهم .بأن نقول : انه ثبت إن بعض الحيوانات كالطير الزاجل يمكن أن ترسل إلى مسافات بعيدة حاملة معها رسائل ونحوها . وان كثيراً من أنواع الحيوانات الداجنة كالقطط والدجاج والماعز ، تهتدي لبيوت أصحابها . فليكن هذا الطير شيئاً من هذا القبيل .
سؤال : إن فاعل ترميهم ، هوالابابيل . وفاعل : جعلهم ، هو الله سبحانه ، والسياق ينبغي أن يكون واحداً ، فلماذا قال : فجعلهم ولم يقل : فجعلتهم ؟
جوابه : أولا : إن الأفعال في السورة كلها منسوبة إلى الله : فعل ويجعل وارسل وجعلهم . ألا ترميهم فانه يعود إلى الابابيل . لأن الله بهذا السبب جعلهم كعصف مأكول . وهذا هو هدف هذه السورة ، وهو بيان إلا انتقام الكبير بإرسال الابابيل .
ثانيا : إن القرآن قد نسب الكثير من معلولات الأسباب إلى نفسه . قال تعالى : (وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ) (القمر:13) . وقال : (فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً)(الإسراء: من الآية103) . وقال : (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ) (الواقعة(63*أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) (الواقعة:64) وقال : (أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ) (الواقعة:72) .
والفاعل الحقيقي في كل هذه الآيات هو الله سبحانه .
................................................
(1) الميزان ج20 ص363
والقرآن في هذه الآيات يعترف بالأسباب ويعترف بفعل الله تعالى . أي إن كلها نتيجة لفعل الأسباب ، وهي _ في نفس الوقت _ كلها نتيجة لفعل الله سبحانه . وهذا ما ثبتت صحته منطقيا وفلسفيا وعرفيا . وليس ألان مجال شرحه .
والنتيجة : هي انه مرة نسب الفعل إلى السبب وهو الابابيل . فقال : ترميهم . وأخرى نسبه إلى نفسه فقال : فجعلهم . . وكان بالإمكان نظرياً أن يجعل كلتا النسبتين إليه سبحانه أو كلتيهما إلى الابابيل . إلا انه اختار ما هو ألطف بلاغيا وعر فانيا .
وبتعبير أخر : أن الفعل فعل الله أصلاً ، وهو الذي أوجد النتيجة الاان الوسط أو الخريطة أو السبب هو ما أشير إليه في صدر السورة . وهو الأبابيل .
قوله تعالى : (تَرْمِيهِمْ)(الفيل: من الآية4)
قال العكبري (1) : وترميهم . نعت لطيراً . والكاف مفعول ثاني .
أقول : لأن الجمل بعد النكرات صفات . وجعل تأخذ مفعولين أي : جعل الله إياهم كعصف مأكول .
وقوله : والكاف مفعول ثاني . يعني في قوله : كعصف . وهو لا يخلو من تسامح لأن حرف الجر لا يكون مفعولاً . بل الاسم هو المفعول الثاني . وهو العصف المجرور بالكاف .
وهذا يمكن أن نضم إلى ذلك عدة أفكار :
أولا : إن الجار والمجرور ليس بنفسه مفعولا به . بل يحتاج إلى متعلق . وهو محذوف أو مقدر . وهو المفعول الثاني .
ثانيا : إن وجود الجار والمجرور يتبادلان . وذلك : في المنصوب بدل المجرور ، ويسمى المنصوب بنزع الخافض . أي بتقدير حرف الجر ويمكن أن يكون العكس أي الاستغناء عن النصب عن طريق وجود حرف الجر المناسب له والآية من هذا القبيل .
فبالرغم من دخول الكاف الجارة عليه ، ولم يخرج عن كونه مفعولاً ثانياً ، فيكون منصوباً محلاً . ويكون وجود الكاف كعدمها . فكأنه قال : فجعلهم عصفاً مأكولاً.
ثالثا : إن نواصب المفعولين ، ليس بالضرورة ، إن تنصب مفعولين بل قد تنصب مفعولاً واحداً ، إن أراد المتكلم ذلك ، والله تعالى اختار مفعولاً واحداً . واما الثاني فهو جار ومجرور . وبتعبير أخر : إننا إنما تحتاج إلى المفعولين عند عدم الدلالة على المعنى . وامااذا صح المعنى وتم ، فلا حاجة إلى وجود المفعول الثاني . فقد حذف للدلالة عليه . بل إن وجوده يجعل اللفظ سمجاً . فيكون القرآن قد اختار في التعبير افضل الفردين ، لأنه تشبيه بلاغي لطيف .
.................................................
ج2 ، ص158
.................................................
رابعا : إن الجار والمجرور ، سد مسد المفعول الثاني . أو نقول : انه قد أوضح معناه ودل عليه .
خامسا : قالوا : أن الكاف يأتي اسما بمعنى مثل . فيصح ما قاله الكعبري من كونها مفعولا ثانيا .
إلا أن هذا غير تام لاكثر من وجه واحد :
أولا : أنه يحتاج إلى شاهد لغوي سابق من شعر أو نثراً .
ثانياً : أن الكاف حرف . فما هو محل أعراب مدخوله ؟ أن قلت : أنه مضاف إليه . فهذا مما لا يمكن أن يقبله مدعى هذا القول . فأنه لا يوجد مثل ذلك في الأسماء الحرفية , لو صح التعبير , كالضمائر وأسماء الإشارة , أي أن يكون لها مضاف إليه .
وان قلنا : أن مدخوله مجرور بالحرف . فله لازم باطل . لانه يكون بالنسبة إلى ما قبله اسماً وبالنسبة إلى ما بعده حرفاً . وهذا جزاف من الكلام .
وعلى ذلك فمن الصعب أن نعتبر الكاف أسماً بمعنى : مثل . فيكون تصحيح كلام العكبري من هذه الناحية متعذراً .
سؤال : ما هو السجيل ؟
جوابه : قال الراغب في المفردات (1) : الجسَّل الدلو العظيمة . وسجلت الماء فانسجل أي صببته فانصب . واسجلته أعطيته سجلاً .
(1) المفردات / مادة سجل
أقول : انه حسب فهمي فأن سَدَلَ وسّجَلَ , مؤداهما واحد .وحاصله : تسليط جاذبية الأرض على الجسم . فسدل تستعمل للجمادات , مثل : سدل الستار . وسجل تستعمل للمائع , كسجل الماء أي صبه .
واضاف الراغب (2) والسجل , قيل : حجر كان يكتب فيه , ثم سمي كل ما يكتب فيه سجلا .
قال تعالى : ( كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ )(الانبياء: من الآية104)
أقول : أي محل التسجيل . كما نسمي الدفاتر سجلا . وقوله تعالى : ( كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ) . فيه أطروحتان للفهم :
الأولى : السجل : مكان المكتوب أو ظرفه مثل الجرارة . تطوى في داخلها الكتب . وهذا هو الفهم المشهوري .
الثانية : الكتب هي نفس الكتابة . والجمع منها :الكتابات . والسجل : أي شيء من ورق أو طين , يطوي الكتابات في داخله . والكتاب بمعنى الكتابة موجود في اللغة ومنه قول النبي ص فيما ورد أنه أمر أحد أصحابه فقال : تعالم كتاب يهود . أي لغتهم وكتابتهم .قال : فتعلمتها في ثلاثة أيام .
هذا , وقد وردت لفظة التسجيل في القرآن الكريم في ثلاث مواضع . أحدهما في هذه السورة , والأخريات في سورة هود آية( 82) وفي سورة الحجر الآية( 74) , لوصف الانتقام من قوم لوط : قال تعالى : (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ) (هود:82) .
وفي هذه الآية عقوبتان : الأولى : جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا . والثانية : وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ . فقد يقال : أن العقوبة الأولى تكفي للقضاء عليهم , فلا معنى للأمطار بالحجارة , بعد أن يجعل عاليها سافلها .
وجوابه : من وجهين كلاهما نسوقهما كأطروحة محتملة :
الوجه الأول : أنه ليس المراد من جعل عاليها سافلها المعنى المادي على ما رويه في رواية ضعيفة السند (2)
بل المراد المعنى المعنوي , وهو : أذلا أعزائها وسلب السلطنة عن متوليها . فالمعجزة المادية هي الرجم بالحجارة , وليس الانقلاب الحقيقي للأرض .
الوجه الثاني : أن الله تعالى جمع بين العقوبتين زيادة في النكاية عليهم . لانهم كانوا شديدي الفسق , ومتجاهرين باللواط . فقلب الأرض ورجمها , ليس حقداً , بل تسجيلا اعلامياً لاجل إفهام الآخرين من الناس , بأنه يستحقون ذلك , وبالتالي يؤدي إلى هداية الأخريين وتفقههم . وقال تعالى : (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) (الحجر:72) (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ) (الحجر:73). (فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ) (الحجر:74) : (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) (الحجر 75) .
فأشار سبحانه إلى نفس القصة . ولكن بألفاظ أخرى . وعاليها سافلها بالمعنى المادي أو المعنوي على ما مر .
والمراد من : مشرقين : وقت إشراق الشمس . ولامعنى لان يكون المراد به المكان ، لان كل مكان فهو شرق لغيره .
سؤال : ذكر في سورة هود عقوبتين . وفي سورة الحجر ثلاث عقوبات . فما هو وجه الجمع بين الآيتين ؟
جوابه : لعدة وجوه :
أولا : انه ليس في الآية التي في سورة هود مفهوم مخالفة ، بحيث ينفي حصول شيء أتخر فما لم يذكر فيها لايعني عدم وجوده .
ثانيا : إن الصيحة المذكورة في سورة الحجر ، هي نفس انقلاب الأرض . العقوبة ثالثة . ويدعمه الترتيب بالفاء ، كأن الصيحة هو صوت انقلاب الأرض ، فهي معلول وليس علة .
ثالثا : إن نحمل ( عاليها سافلها ) في سورة الحجر ، على المعنى المعنوي . ومعه لا يكون هناك دليل على انهم ماتوا جميعاً من الصيحة . بل يمكن انهم أغمي عليهم ، ثم قضي عليهم بالرجم .
هذا وقد ورد لفظ مشابه للسجيل نطقاً ومعنى في القرآن الكريم وهو السجين . وكلاهما من أصل غير عربي . قال تعالى : (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ) (المطففين:7) (وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ) (المطففين: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ) (المطففين: .
سؤال : فما هو معنى سجين ؟
جوابه : قال الراغب (1) : السجين : اسم لجهنم بأزاء عليين . وزيد لفظه تنبيهاً على زيادة معناه وقال الرازي
(2) في هامش العكبري : إن سجينا اسم للأرض السابعة ، وهو فعيل من السجن .
..............................................................
(1) المفردات مادة سجن ..
(2) ج2 ص146
أقول : كاطروعة : إن سجين صيغة مبالغة من (سجن) فالسجن بالكسر هو المكان والسجين بالتخفيف ، مكينة أي المسجون . والسجين بالتشديد صيغة، مبالغة ، باعتبار إن السجن له مراتب تختلف شدة ضعفاً والصعب منه سجين ، أي شديد السجن .
إن قلت : انه اسم لجهنم نفسها ، وليس لمن يسجن فيها ويعذب .
قلت : هو تسمية المكان بالمكين ، فالمكان هو جهنم ، والمكين هو من يعذب فيها . لأنها سبب عذابهم .
وهذه اللفظة ، اعني سجين ، وردت في القرآن مرتين ، كلتاهما في سورة المطففين . قال تعالى : (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ) (المطففين:7)
(وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ) (المطففين:
(كِتَابٌ مَرْقُومٌ) (المطففين:9) .
وهي تقابل عليين ، كما قال الراغب (1) ، لقوله في نفس السورة : (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ) (المطففين:18)
(وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ) (المطففين:19)
(كِتَابٌ مَرْقُومٌ) (المطففين:20)
وفي قوله : في سجين ، إشارة إلى المكان المدلول عليه بفي . ومحل إعراب الجملة : (كتاب مرقوم ) هو كونه خبراً لمبتدأ محذوف تقديره : سجين .
ومن هنا ينشأ إشكال ، وحاصله : إن سجين في الآية السابقة بمعنى المكان . وهي بمعنى الكتاب ، لأنه يقول بعد التقدير : سجين كاب مرقوم . فما جوابه ؟
أقول : انه نشأ الأشكال على ضوء التقدير بأعتبار كونه هو المبتدأ المحذوف : سجين . إما لو كان التقدير هو كتاب مرقوم ، فهو استفهام لتعظيم شأنه وبيان حرمته ، فينتهي السياق بقوله : ما أدراك ما سجين . ثم يقول بعد ذلك : إن كتاب الفجار هو كتاب مرقوم ولا حاجه إلى رجوعه إلى سجين . وان كان سجين اقرب لعوده إليه . ولكن ينشأ الأشكال معه وما يقال في سجين يقال في عليين .
ولكن مع ذلك نقول : إن هذا الكلام من قبيل المجاز ، لأنه ليس في جهنم كتاب مرقوم ، أي مكتوب . وانما : أما إن نفهم من كتاب مرقوم : أي كتابة مكتوبة . كأنهما لفظان مترادفان . أو أن نفهم من الكتاب : المجلد الذي فيه اقتضاء الكتابة أو أوراق الكتابة .
................................................
المفردات مادة سجين .
...............................................
وما ذكر في الآية رمز للكتاب التكويني . وهو قد رقم وسجل بالإرادة التكوينية . ما هو ؟ هو نفس علمنا : عمل الفجار وعمل الأبرار .
وعلى ضوء كل ما تقدم نقد السؤال الأتي :
سؤال : ما هي المقارنة بين السجيل والسجين ؟
جوابه : انه يوجد بينهما نحو تشابه ، ونحو اختلاف .
فوجه التشابه إن كليهما سبب للعذاب . ومن ناحية اثباتية : (كلامية أو بلاغية ) فقد استعمله القرآن الكريم من أجل إرهاب القارئ وتخويفه ، مضافاً إلى إظهار عظمة الله سبحانه ، وابراز أهمية البيت الذي حصل الدفاع عنه .
ووجه الاختلاف في المعنى : إن السجيل عبارة عن حجر ، والسجين عبارة عن جهنم وما يحصل فيها . وكلاهما سبب للعذاب . وتعبير عن غضب الله سبحانه .
ويتحصل من ذلك عدة نتائج :
فأننا قد نزعم إن أحدهما عين الأخر ، هو هو . كأنه قال : ترميهم بحجارة من سجين وقد استعمل آلام اختياراً .
ويترتب على ذلك بعض النتائج المحددة . منها : أن الحجارة إذا كانت من سجين ، فهي قاتلة بالضرورة . لأنها ليست طيناً . لعدة احتمالات :
أولا : إن نقول : إنها حجارة من جهنم . مع افتراض إن الطير قد أخذها من جهنم ورما بها الجيش المعادي . لكن هذا لايتم إلا بافتراض انهم لم يكونوا طيراً بل خلقاً أخر على صورة الطير ، وهم متسلطون على الدنيا والآخرة ، فأن جهنم في الآخرة ، فقد أخذوا الحجر من الآخرة ورموه في الدنيا ، بأعتبار كونهم مخولين من قبل الله سبحانه بذلك .
وحجر جهنم قاتل بلا شك ، كما يروي في قوله تعالى : (فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ)(الحاقة: من الآية32) . عن الصادق عليه السلام (1) : لو إن حلقة واحدة من السلسلة وضعت على الدنيا لذابة الدنيا لذابت الدنيا من حرها .
ثانيا : إن نقول : إن سجيل لم يرد بها جهنم وانما هي حارة إلى حد تشبه حرارة جهنم . فتلقى على جسد الإنسان فتقتله .
......................................................
انظر تفسير الصافي ج2 ، ص74
.......................................................
ثالثا : إن تكون هذه الحجارة سريعة جداً . والسرعة هي المؤثرة في القتل . كما لو تصورنا ان سرعتها أكثر من سرعة الضوء .
والقدرة هذه ، أما إنها أتت من نفس هذا الحيوان . أو إنها حدثت بعد انفصالها من منقاره بقدرة الله سبحانه ، فتدخل في سرعتها من أحد الجانبين وتخرج من الجانب الأخر .
رابعا : إن تكون قنبلة تحملها الطير تسقط على الفرد وتقتله ، أو نقول : إنها لاتحملها الطير بل الأجهزة الخاصة المناسبة لها . والأبابيل ليس طيراً بل جيشاً مضاداً يقف أمام جيش ابرهة .
ولكن مثل هذا الوجه مخالف لظاهر القرآن ، فلا يكون حجة . لما ورد عنهم عليهم السلام من أن (1) : ما خالف قول ربنا زخرف باطل . اضرب به عرض الجدار مضافا إلى اليقين التاريخي ، بعد وجود مثل هذا الجيش المحارب في الجزيرة العربية وعدم وجود مثل هذا السلاح أيضاً ز
هذا وقد ذكر القاضي عبد الجبار (2) في هذا الصدد سؤالين :
سؤال : كيف يصح في الطير الصغير أن يرسل الحجر ، فيؤثر في الناس التأثير الذي ذكره تعالى في السورة؟
جوابه : من وجوه :
الوجه الأول : بأن يزيد الله تعالى في قوة الطيور بحيث يؤثر ذلك الحجر ذلك التأثير العظيم .
الوجه الثاني : إن يكون الله تعالى عند رمي الطير ، جعل فيه الانحدار الشديد بحيث يؤثر هذا التأثير .
أقول : الوجه الأول لا يكفي وذلك : لان قدرة الطير لايعني قدرة الحجارة من الطين بحيث تكون قاتلة . والوجه الثاني غير بمجردة أيضاً .
إلا أن نذكر له وجهين أخرين وهما :
الأول : ما ذكرناه سابقاً من السرعة الشديدة للحجر وفي الطائر كأن تكون كسرعة الضوء . وبالتالي تخترق الجسم البشري .
.........................................................
انضر الوسائل كتاب القضاء ج18 ص78-79
تنزيه القرآن عن المطاعن – ص480
...........................................................
الثاني : وجود الحرارة العالية جداً في الحجارة ، باعتبارها من (سجيل) . فلا تكن قابلة للانطفاء فتبقى متوقدة إلى حال خروجها . ولا تنالها رطوبة جسم الإنسان .
ويمكن الجمع بين هذين الوجهين أعني السرعة والحرارة . ولولا ذلك لما كان لما قاله القاضي عبد الجبار أي اثر .
سؤال : ما هو العصف ، في قوله تعالى كعصف مأكول .
جوابه : قال الراغب في المفردات (1) العصف والعصفة الذي يعصف من الزرع . ويقال لحطام النبت الميكسر عصف قال : والحب ذو العصف والريحان – كعصف مأكول – ريح عاصف . وعاصفة ومعصفة تكسر الشيء فتجعله : كعصف . وعصفة به الريح ، تشبيها بلك .
أقول : يتحصل من ذلك : إن عاصفة بمعنى كاسرة لما تمر عليه ، من النبات ، وذلك في الريح الشديدة .
وقال في الميزان (2) العصف ورق الزرع والعصف المأكول ورق الزرع الذي أكل حبه ، أو قشر الحب الذي أكل لبه .
أقول : أي إن العصف هو ورق الزرع ، كورق الحنطة والشعير . وقوله : قشر الحب الذي أكل لبه ... فيه تسامح . وحقه أن يقال : هو الحب الذي أكل لبه ، يعني ما بداخل قشره .
هذا ، ويمكن الجمع بين الوجهين – التكسر والحب ، بالحب المتكسر . لأن الحب يتكسر بعدة أمور طبيعية وعرفية . أهمها : حين ينبت منها النبات . مضافا إلى تقشيره من أجل طحنه وأكله . وكذلك النوى غير المأكول، فإنها كلها تتعصف بنباتاتها .
سؤال : لماذا لم يقل : فجعلهم عصفاً مأكولا ؟
جوابه : في هذا الوجه نقطتا ضعف :
الأولى : أنه لم يجعلهم كذلك بنحو الحقيقة . بل جعلهم كعصف مأكول ، أي مثل العصف . والجثث المتناثرة ، ليست عصفاً مأكول ، بل كالعصف .
الثانية : إننا مع التنزل عن الوجه الأول ، ممكن أن نقول : فجعلهم عصفاً مأكولاً مجازاً . ولكن تأتي مسألة حفظ النسق ووحدة السياق اللفظي . وهو مقتضى الحكمة والفصاحة .
...........................................
المفردات مادة (عصف )
ج20 ص36
..........................................
سؤال : كيف نتصور العصف المأكول ؟
جوبه : ما فهمه المفسرون . بما فيهم صاحب الميزان ، من أنها جثث ساقطة على ألأرض . ويؤيده النقل الخارجي والتاريخي .
أقول : ولكن بذلك لم يحصل تقطع وعصف . ويجيب المشهور بأن التقطع حصل في الجيش . بأعتبار فشله وتقطع أفراده وهو نحو من التقطع المعنوي .
والذي أفهمه أكثر من ذلك : إن الجسد الواحد منها كأنه أصبح قطعاً قطعاً . كالشجرة الواحدة المتكسرة . ويؤيده وصفه بالمأكول .
مضافا : إلى أننا لو فهمنا من العصف الأغصان المتكسرة ، كفى أن يكون كل واحد منهم قد انقطع إلى قطعتين أو أكثر . ولكن إذا فهمنا من العصف : الحب والنوى . وهي صغيرة بطبيعة الحال . فلا بد أ، نتصور صاروا قطعاً صغيرة . وان لم تكن بحجم الحنطة نفسها ، فأن التعبير مجازي على أي حال ، والمهم أن الجسم اصبح عشرات القطع فلايرى هنالك جيش وجثث ، بل لحم متناثر .
هذا ، وللمأكول تقسيمان :
التقسيم الأول : المأكول حقيقتاً ، كما في حب الحنطة ، والمأكول مجازاً ، أي على شكل ما كان مأكولاً .
التقسيم الثاني : المأكول فعلاً ، وهو المطبوخ في ما يحتاج إلى الطبخ والمأكول اقتظاء . أي كونه قابلاً للأكل. وبضرب أثنين باأثنين تصبح الأقسام أربعة :
القسم الأول : القطع المأكولة مجازاً ، فأن العصف هو القطع الصلبة كالحجر والخشب إلا أن هذا قطع لينه ، لأنها أجساد بشرية .
القسم الثاني : القطع المأكولة حقيقة ، كالحم المقطع المأكول . وهذا تشبيه مباشر . وفيه إشعار بالتشبيه بالحيوانات .
القسم الثالث : الحب المأكول مجازاً ، فأن لحومهم متناثرة وغير مأكولة . وانما عبر ذلك لكون منظرها كأنها لحوم مطبوخة.
القسم الرابع : الحب المأكول حقيقة .
وقد ظهر وجه الشبه في المأكول فعلاً . وفيه منظر شديد لم يفهمه المفسرون ، لانهم فهموا إن الجثث سليمة ، مع إنها لا تبدو كذلك ، باعتبار قوله : كعصف مأكول . فأن هذا لايتم عادة في حجر واحد في كل إنسان واحد .
إن قلت : إنكم رجحتم في معنى العصف بأنه الأجزاء المتكسرة والنبات المتقطع . والحب مصداق منها . باعتباره أجزاء صغيرة من النبات . بينما قال تعالى في سورة الرحمن : (وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ) (الرحمن:12) . فوصف الحب بأنه ذو العصف . فيكون من وصف الشيء بنفسه . وهو باطل .
قلت : جوابه من عدة وجوه :
أولا : نحن لم نقل أن العصف هو الحب بشرط لاعن الزيادة . بل هو مطلق الأجزاء المتكسرة من النبات . فيرجع المعنى – ولو مجازاً – إلى المصدري وهو التكسر .
ثانيا : إن نقول : إن الحب هو كل قطعة مستقلة من الثمار . كالتفاح والرقي وغيرهما ، وليس معناه منحصراً الحب الصغير كالعنب والتمر والحنطة والشعير . ومعه يكون الحب - بهذا المعنى :- ذو العصف أي ذو حب في داخله . فنحمل معنى الحب على إحدى الحصتين ونحمل معنى العصف على الحصة الأخرى .
ثالثا : انه بعد التنزل عن الوجه الثاني باختيار القول بأن الحب هو خصوص الحب الصغير ، كالحنطة والشعير ولا يوجد في داخلها حب أخر ولكننا مع ذلك ، يمكن إن نفهم منه : الحب ذو التكسر .
وذا تكسر الحب ظهر لبه . أي نفهم من الحب لبه والعصف قشره . كما يمكن العكس . وان كان الأول ارجح على أي حال .
السؤال الأخر : الذي ذكره القاضي عبد الجبار في كتابه (1) :
كيف يصح ذلك ، ولم يكن في الزمان نبي . وهذا من المعجزات العظام ؟
جوابه : انه لابد من نبي في الزمان يكون هذا الأمر معجزة له . وقد كان قبل نبينا أنبياء بعثوا إلى مخصوصين . فلا يمتنع إن يكون هذا الأمر ظهر على بعضهم . كما
..................................
تنزيه القرآن عن المطاعن- ص480
..................................
روي انه (ص) قال في خالد بن سنان :- ذلك نبي ضيعه قومه . وقال في قس بن ساعدة : انه يبعث يوم القيامة أمة واحدة لقلة من قبل عنه . فهذه طريقة الكلام في هذا الباب .
أقول : يمكن أن نقبل نبوة هؤلاء كأطروحة . ولكن ذلك لا يكون جواباً على سؤاله الرئيسي : لكبرى معينة ، وحاصلها : إن النبي يجب أن يكون صاحب معجزة ، بحيث يصدق ، بحسب التسبيب انه أوجدها بدعاء ونحوه. وكلاهما لم يتسببا لوجود تلك المعجزة ، اعني القضاء على الجيش المعادي . فتكون الصغرى مخدوشة ، وان صحة الكبرى إلا أن الصحيح هو الطعن بالكبرى التي أخذها القاضي عبد الجبار مسلمة ، وهي انحصار حصول المعجزة بوجود النبي . وانما نحتاج إلى معجزة لنصرة الحق ، وهو الذي حصل فعلاً ، انتصاراً للبيت الحرام ، والكعبة المشرفة .
المدير العام- Admin
-
عدد المساهمات : 501
نقاط : 2147483647
عضو مميز : 1
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
العمر : 44
مواضيع مماثلة
» تفسير منة المنّان ـ الجزء التاسع ـ
» تفسير منة المنّان ـ الجزء الثامن ـ
» تفسير منة المنّان ـ الجزء الثاني ـ
» تفسير منة المنّان ـ الجزء الثامن ـ
» تفسير منة المنّان ـ الجزء الثاني ـ
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء يوليو 08, 2014 6:16 pm من طرف السيد عبد الحسين الاعرجي
» زواج المتعة
الأربعاء فبراير 09, 2011 11:07 am من طرف حسين
» الى من يهمه الامر
الخميس نوفمبر 18, 2010 2:26 am من طرف احمد علي حسين العلي
» جبل يضع البيض في الصين
الأربعاء نوفمبر 10, 2010 9:31 am من طرف زائر
» لى من يهمه الامر
الأربعاء نوفمبر 03, 2010 9:30 am من طرف سمير محمود الطائي
» زرقاء اليما مه
الأربعاء سبتمبر 29, 2010 5:17 am من طرف سمير محمود الطائي
» الأخت المؤ منه ومشا كل العصر
الثلاثاء سبتمبر 28, 2010 1:59 am من طرف سمير محمود الطائي
» أعجوبة صورة الضحى
الثلاثاء سبتمبر 28, 2010 1:48 am من طرف سمير محمود الطائي
» با لحسين معا دلتي موزونه
الإثنين سبتمبر 27, 2010 6:30 pm من طرف سمير محمود الطائي