مواضيع مماثلة
لائحة المساحات الإعلانية
لإضافة إعلاناتكم الرجاء
مراسلتنا على البريد الإلكتروني التالي
بحـث
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 162 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 162 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 242 بتاريخ الأحد ديسمبر 01, 2013 9:22 am
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 57 عُضو.آخر عُضو مُسجل هو yaasaay فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 563 مساهمة في هذا المنتدى في 551 موضوع
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
المدير العام | ||||
عاشقة الزهراء | ||||
سمير محمود الطائي | ||||
قدوتي زينب ع | ||||
الغضب الصدري | ||||
Aorn | ||||
يا صاحب الزمان | ||||
حسين | ||||
احمد علي حسين العلي | ||||
السيد عبد الحسين الاعرجي |
تفسير منة المنّان ـ الجزء الخامس ـ
صفحة 1 من اصل 1
تفسير منة المنّان ـ الجزء الخامس ـ
مِنةُ اَلمنَان في الدفاع عن القرآن
تأليف : السيد محمد الصدر
الجزء الخامس
سورة التوحيد
من كتاب منة المنان في الدفاع عن القرآن
للسيد الشهيد محمد الصدر
مكتب السيد الشهيد الصدر (قد ) في عفك
Alkofa_7day@yahoo.com
بسم الله الرحمن الرحيم
ينبغي الحديث عن الاسم , وهو طبقاً لما يشبهه الأطروحات السابقة يمكن أن يكون على عدة أشكال محتملة :
الشكل الأول : الاسم المشهور , وهي سورة التوحيد . لأنها فعلا تحمل معنى الوحيد . وقد ورد إنها تتضمن أو تتكفل نسبة الرب (1)
الشكل الثاني : تسميتها باللفظ الذي تبدأ به (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) ... أو : قُلْ هُوَ .. كما يعبر بعضهم .
الشكل الثالث : تسميتها أو الإشارة إليها برقمها في المصحف وهو السورة 112.
سؤال :تكاثرت الروايات عن طريق الفريقين في أن هذه السورة تعدل ثلثي القرآن .فما هو تفسير ذلك ؟
جوابه : إن له عدة تفاسير محتملة :
التفسير الأول : إنها تحمل ثلث الثواب , أي إن لقارئها ثلث الثواب بالنسبة إلى من قرأ القرآن كله .
التفسير الثاني : إنها تحتوي على علوم ثلثي القرآن الكريم , الذي يحوي علوم الكون كله , وبذلك تكون الفاتحة أعلى منها , لأنها تحتوي على كل علوم القرآن كما سبق.وليس على ثلثها .
التفسير الثالث : إن علوم القرآن فيما نفهمه , تنقسم إلى ثلاثة أقسام :عقائد وتشريع وتاريخ ,والباقي كله يندرج ضمن هذه الثلاثة .أو قل: ان علوم القرآن هي أصول الدين وفروع الدين وأخبار . ويراد بالإخبار ما يشمل أخبار الماضي والحاضر والمستقبل ,وكله من قبيل التاريخ بالمعنى العام , وهو بهذا المعنى يشمل أخبار الدنيا والآخرة .
.........................
(1)انظر نحوه في الميزان بعده ألفاظ ج2 ص390 وانظر توحيد الصدوق ص93 , وانظر الوسائل ج 2 ص 681
أذن , فالسورة المباركة إلى واحد من هذه العناوين الثلاثة :وهو التوحيد . ومن هنا صدق كونها ثلث القرآن .
فان قلت :إن أصول الدين خمسة , والتوحيد أصل واحد منها , فلا يكون التعرض إلى التوحيد تعرضاً لاصول الدين كلها ليكون ثلث القرآن ؟
قلت :ما دل على التوحيد دل على كل العقائد , فان الأصول الأربعة مندرجة فيه , لأن التوحيد أساسها . والله هو الذي أرادها وشرعها واوجدها . وقد ورد عن الإمام الكاظم عليه السلام (1) : اللهم أني أطعتك في أحب الأشياء إليك وهو التوحيد , ولم أعصك في أبغض الأشياء إليك وهو الكفر , فاغفر لي ما بينهما .
سؤال : لماذا بدأت السورة بفعل الآمر : قُلْ ؟
جوابه :المراد من السورة ليس هو إخبار بأن ( الله أَحَدٌ ) وانما الراد الامر هو الإقرار بذلك , لكي يتبع الفرد الهدى , ويشهد بالتوحيد , ووهو – بالطبع – يدل ضمناً على صدق ما قاله , وإلا كان الامر به أمراً باطل . فهو أمر وإخبار في نفس الوقت .
وقلنا في كتابنا (2) فقه الخلاق : أن امتثال هذا الامر بأحد أسلوبين :
الأسلوب الأول : ما ورد عن الإمام الرضا (3) من أنه حين يقرأ آية : (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فأنه كان يقول بصوت خافت : اللَّهُ أَحَدٌ , يعني امتثالاً لقوله . والتزماً بمضمونه .
الأسلوب الثاني :ما ورد في أخبار أخرى (4) من أنه يقول بعد الانتهاء من السورة : كذلك الله ربي .
وبحسب فهمي فأن أحد الأسلوبين مجزئ ومغني عن الأخر , بل لا معنى للجمع بينهما – كما لا يخفى – وان كان لا يخلو من وجه ضعيف .
وعلى أي حال , فمع ترك هذين الأسلوبين معا , وذلك بقراءة السورة كما هي,
.........................................
(1) عن البلد الأمين مفاتيح الجنان ص 114:
(2) فقه الأخلاق . ج1 ص 202 .
(3) أنظر الوسائل ج4 ص 756 .
(4) انظر وسائل الشيعة ج4 . ص 754 . و75 و755 و757 .
.فأنه سيكون السياق بلسان الله لا بلسان العبد . وهو لا ينفع العبد . ما لم يوافق على صحته . ويذعن بصدقه . وهو إنما يعلن عن ذلك بأحد الأسلوبين السابقين .
سؤال : إن " قل " فعل أمر ظاهر بالوجوب . وحمله على الاستحباب خلاف الظاهر . فقد يقال : أن علماء الكلام قالوا : إن الإيمان بالعقائد لا معنى للتشريع فيه . وانما هي واجبة بحكم العقل . والأوامر الواردة إنما هي إرشاد إلى حكم العقل . والله تعالى ينبه هنا على حكم العقل . فلا يجب علينا طاعة هذا الامر , لانه ليس تشريعاً , فلا يجب علينا اتخاذ أحد الأسلوبين السابقين .
قلنا : هذا قابل للمناقشة :
أولاً : إنما طرق سمعك من إن الأوامر إرشادية , إنما هو لخصوص وجود الله سبحانه . فهو سبحانه يُدرَك بالعقل . فإذا ورد عن الله بمضمون : اعترف بوجودي . فإنما هو إرشاد إلى حكم العقل . وهذا صحيح . ولكن سائر أصول الدين ليست كذلك . حتى التوحيد نفسه . فقد شهد الله سبحانه نفسه بتوحيده . قال تعالى : (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (آل عمران:18) . فالله الذي ثبت بالعقل . وجوده , هو يخبرنا عن توحيده . وهذا – في الحقيقة – من أدلة التوحيد .
أذن , فالعبد , في هذه السورة , مأمور تعبدا من قبل الله سبحانه بان يذعن بتوحيده . فلا يكون الأمر إرشاديا , بل تشريعياً .
ثانياً : أننا لو تنزلنا عما قلناه أولاً , وسلمنا أن الامر بالتوحيد أيضا إرشادي , كالاعتراف بوجود الله سبحانه . عند إذ يكون أصل الدخول في الإسلام , عقلي إرشادي . إلى أن غرض السورة لا يكون هو الدخول إلى الإسلام ,. وانما هو لاجل أغراض أخرى كالصلاة والتبرك ونحوها . فيكون : قل , تشريعياً . حيث يقرؤها الفرد بألفاظها من أجل الاستفادة منها : فرجع الحال إلى كون الآمر تشريعياً لا إرشاديا .
سؤال :من هو المخاطب ب( قُلْ ) ؟
جوابه : هناك عدة أطروحات لذلك ., نذكرها من الأضيق إلى الأوسع .
أولا : أن المخاطب هو النبي (ص) , بصفته المخاطب المباشر .
ثانياً : أن المخاطب هو كل المسلمين , ولا خصوصية للنبي ص .
ثالثاً : أن المخاطب هم كل البشر فأن دين الله إنما هو لاصلاح البشر جميعاً . والقرآن لهدايتهم , حتى لو كانوا كفاراً .
رابعاً : أن المخاطب كل الخلق . أي كل أجزاء الكون من بشر وملائكة وجن وأي خلق أخر . فأن التوحيد غير مختص بطائفة . لانه متعلق بالخالق الأزلي الحقيقي . وهذه الصفة الحقيقية ينبغي فرضها وتوزيعها وسيطرتها على كل الخلق . وكل من عصى , فقد ظل عن سواء السبيل .
سؤال: هل يجوز حذف : قل , بمعنى جعل قراءة السورة ابتداء , امتثالا لهذا الأمر .
جوابه : هذا على مقتضى القاعدة جائز , لكنها تخرج عن كونها قرأناً .لان ( قُلْ ) جزؤها القرآني .والقرآن إنما هو بلسان الله لا بلسان العبد .
سؤال : لماذا أختار الله سبحانه الضمير هو , ولم يقل : قل الله أحد ؟
الجواب : أنه يمكن تفسير هذا الضمير بحسب معناه أولاً , وبحسب إعرابه ثانياً : أما الكلام في معناه ,فانه يحتمل أمرين :
الأمر الأول : ما ذكره صاحب الميزان قدس سره حين قال : (1) هو ضمير الشأن والقصة , يفيد الاهتمام بمضمون الجملة التالية , أي ان الحال والشان هو الله أحد .
الأمر الثاني : أن ( هُوَ ) ضمير عائد على ذات الله سبحانه : أي : ذات الله هو أحد .
واما إعرابه , فيحتمل وجهين :
الوجه الأول : أن يكون هو ضمير لا محل له من الأعراب . كالذي يقع بين المبتدأ والخبر , كقول :زيد هو عالم , ولا يفيد إلا التأكيد .
ففي الآية الكريمة يكون لفظ الجلالة مبتدأ واحد خبر . سواء قلنا أن معناه ضمير الشأن أو أنه عائد على الذات .
الوجه الثاني : نذكره بنحو الأطروحة . وهو أن يكون ( هُوَ ) مبتدأ . سواء فهمنا منه ضمير الشأن أو كونه عائداً الى الذات . واما خبره , فله عدة أطروحات :
الأطروحة الأولى : أن هذا الضمير مبتدأ ولفظ الجلالة مبتدأ ثاني واحد خبر المبتدأ الثاني .
.........................
(1) ج 20 ص 387 .
والجملة خبر المبتدأ الأول . مثل قولنا : زيد أبوه عالم . غاية الفرق أن الابتدأ هناك بالظاهر وهنا بالضمير .
وهذا ممكن سواء كان هو ضمير شأن أو راجعاً إلى الذات . ولكنه أوضح واوكد مع رجوعه إلى الذات . يعني : أن الذات المقدسة التي لا يشار إليها ولا يعبر عنها ولا تحد , يصدق عليها هذان الاسمان .
الأطروحة الثانية : أن يكون ضمير : هو , مبتدأ ولفظ الجلالة خبره . و( أحَدُ ) بدل أو عطف بيان أو معطوف بحذف حرف العف . فتكون الذات المعبر عنها بهو , مبتدأ واسمها , وهو لفظ الجلالة الخبر .
الأطروحة الثالثة : أن يكون هو متبدأ ولفظ الجلالة خبر أول واحد خبر ثانٍ للمبتدأ الأول . كقولنا : زيد عالم حاذق . أو زيد عالم في الدار .
الأطروحة الرابعة : أن يكون قوله : هو الله مبتدأ وخبر . ويكون " أحد " خبراً لمبتدأ محذوف دل عليه ما سبق . يعني : هو أحد .
الأطروحة الخامسة : ما ذكره العكبري حين قال(1) : ويجوز أن يكون الله بدلاً, واحد الخبر . أقول : يعني خبر هو .
سؤال : لماذا وجد الضمير : هو في هذا المحل من الآية الكريمة ؟
جوابه : متفرع على ما قلناه في معناه وإعرابه . وهو أربع صور :
الصورة الأولى : أن يكون معناه ضمير شأن وإعرابه ضمير فصل . فهو للتأكيد , لجل الترسيخ الإيماني .
الصورة الثانية : أن يكون معناه ضمير الشأن . وإعرابه : مبتدأ وخبره الجملة التي بعد ه . فعندئذ لا يفيد التأكيد , بل مجرد الأخبار بأن الشأن والحال : إن الله أحد , ويكون الاستغناء عنه أولى . ومن هنا فسد هذا الوجه . وأن كان مستفادأ من مطاوي كلمات الميزان .
الصورة الثالثة : أن يكون معناه كونه دالاً على الذات وإعرابه كونه ضمير فصل . فهو غير محتمل ., لوجود التنافي بين هذين الاحتمالين . مضافاً إلى لزوم كون الدال علي الذات مكترراً في الآية , وهو الضمير ولفظ الجلالة .
الصورة الرابعة : أن يكون معناه دالا على الذات , وإعرابه أنه مبتدأ وهو المتعين ::على معنى الذات تتصف بهاتين الصفتين أو الاسمين .
إن قلت :أن أسم الجلالة دال على الذات مكرراً
قلت أولاً :أن لفظ الجلالة من الأسماء الحسنى . فأن توخينا مطلق الدلالة على الذات , كانت كل الأسماء الحسنى دالة عليه . ك(هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ)(الحشر: من الآية23) . وان توخينا لخص من ذلك , كالعلمية لذاته سبحانه , كما في لفظ الجلالة , فهذا لا يخرجه من كونه من الأسماء الحسنى .
ولذا لم يقل الفلاسفة أنه عين ذاته , كما قالوا : في العالم والرحمن ,أنه عين ذاته , بل قالوا أنه علم خارج الذات , فكونه علماً لا يخرجه عن كونه أحد الأسماء الحسنى . و قل هو أ÷م الأسماء الحسنى .
إذن ,يكون المقصود أن الذات يصدق عليها هذان الاسمان : الله والحد .
ثانياُ : إن دلالة (هو) على الذات أعمق من دلالة لفظ الجلالة عليه . لبساطة لضمير واحاطته , فيكون من هذه الناحية شبيهاً ببساطة الذات وأحاطتها . بخلاف لفظ الجلالة ,فأنه لا يخلو من تعقيد بالتشديد وتكرار اللامات .
بل يمكن إرجاع أحدهما إلى الآخر ,بأن نقول بنحو الأطروحة :ان لفظ الجلالة : الله هو تعريف للضمير ,بإدخال الآلف واللام على الهاء مع انه غني عن التعريف ولا يتعرف بمخلوقاته .بل بذاته , وهنا يكون وجود الضمير , بدون التعريف أولي .
سؤال : قال الرازي في هامش (العكبري ) (2) : المشهور في كلام العرب أن الأحد يستعمل بعد النفي .والواحد يستعمل بعد الأثبات . يقال : في الدار واحد. وما في الدار أحد .وجاءني واحد.وما جاءني أحد .ومنه
................
(1) ج2 ص 159 .
(2) ج2 ص 160 .
وقوله تعالى : (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ)(البقرة: من الآية163)وقوله تعالى : ( الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ ) )ِ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ )( فَمَا مِنُكمْ مِنْ "أحد" هنا في الإثبات .
جوابه :
أولا : ا قاله الرازي أيضاً (1) : قال :ابن عباس رضي الله عنهما : لا فرق بين والأحد في المعنى . واختاره أبو عبيدة . ومؤيده قوله تعالى : ( فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ )وقولهم أحد وعشرين وما أشبهه . وإذا كنا بمعنى واحد , لا يختص احدهما بمكان دون مكان . وأن غلب استعمال احدهما في النفي والآخر في الاثبات .
ثانياً : ما أشار اليه الرازي أيضاً بقوله (2) : ويجوز أن يكون العدول عن الغالب ,رعاية لمقابلة الصمد , أقول : يعني : لحفظ النسق في نهايات هذه الآيات .
ثالثاً: ويعرض كاطروحة :
أن أحد من الأسماء الحسنى والواحد ليس منها . وانما هو صفة إعلامية فقط ,تتضمن الاخبار عن كونه تعالى واحد لا شريك له . ناسب ذلك ترك " الواحد " .
سؤال : لماذا كرر لفظ الجلالة , في قوله تعالى : اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ ؟
جوابه : أولا : أنه لإفادة التأكيد , بتقدير تكرار العامل وهو الأمر السابق , أي : (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ .وإفادة تكرار العامل أوضح لدى تكرار لفظ الجلالة , ولو اكتفى بالصمد . لما أفاد هذه الفائدة .
ثانياً : لسماجة عدمه , لو قال : الله أحد الصمد , فالصفة البلاغية تقتضي تكرار لفظ الجلالة .
سؤال :لماذا قدم " يَلِدْ " وهو من حقه التأخير ؟ لانه بعده في الزمن عادة .
أولاً : أننا إن نظرنا إلى الزمان العرفي , كان السؤال وارداً . إلا انه ملغى بحق ذات الله سبحانه . فلم يبق فرق في التقديم والتأخير . وهو فوق الزمان ولامكان , وقد ورد عنهم عليهم السلام . لا تحده الأزمنة ولا تحيط به الأمكنة ولا يأخذه نوم ولا سنة .
هذا إذا كان الفعلان منفيين كما هما في السورة .
ثانياً : انهما لو كانا مثبتين لاي ذات , كان من حق الأخر التقديم . لانه إن حدث كان متقدماً في الزمان , ولحاظ الزمان عرفي . إلا أن لحاظهُ في ذات الله عز وجل مسند . مضافاً إلى أنهما في السورة في سياق النفي الإثبات .
ثالثاً : نعرضه كأطروحة وهو كون النظر إلى الصفة الحالية أو الفعلية . ثم الصعود منها الى الصفة الأخرى ( الصفة التاريخية أو الماضية ) أي : انه ليس فقط لم يلد بل لم يولد أيضاً .
رابعاً : لحاظ المشكلة المثارة اجتماعيا بين الأديان , من ان الله سبحانه له ولد . تعالى عما يقولون علواً كبيراً . فمن هنا أكتسب الأهمية فيكون الأهم مقدماً , وهو نفي الولد . باعتبار ما قيل من أن عُزيرّ أبن الله وان المسيح أبن الله , ونحو ذلك . كما ننطق به القرآن الكريم .(3) . فقد قدم الأهم . وقام بتأخير ما دونه في الأهمية الاجتماعية .
خامساً: أن ( لَمْ يَلِدْ )مُُُساقة للشأنية لا الفعلية . فالمراد نفي الشأنية . ومن لم يكن من شأنه أن يلد ليس من شأنه أن يولد . ولو كان من شأنه ان يلد لكان من شأنه أن يولد . كما في الخلق . فقدم ( يلد ) لكونها حاصلة من فعل في حالة جل جلاله . لتكون بمنزلة البرهان إثباتاً على صحة الأخرى التي بعدها . بنحو الدليل : الانّى , الذي يستدل به من المعلول على العلة . قال تعالى : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) (الاخلاص:4)
فقوله تعالى أحدٌ , أسم كان مؤخر , وهنا يحصل السؤال .وحاصله : ما هو خبر كان ؟
جوابه : أن في خبرها وجهتين :
الوجه الأول : أن خبرها : كفواً . وعلى هذا يجوز أن يكون ( له ) حالا من كفواً أو صفة له , لان التقدير : ولم يكن أحد كفواً له . وان يتعلق بَيكُنْ .
الوجه الثاني : أن يكون الخبر : له . وكفواً حال من أحد . أي ولم يكن له أحد كفواً . أو لم يكن أحد له كفواً .
...............................................
(1) المصدر والصفحة
(2) المصدر والصفحة
(3) )وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ )(التوبة: من الآية30)
فلما قدم النكرة نصبها على الحالية .
سؤال : لماذا قدم سبحانه : له كفواً , على أحد ؟
جوابه : أولا : لاختلال نسق الآيات بتقديم أحد . وهذا واضح . كما لو قال : لم يكن له أحد كفواً .
ثانياً : قالوا في اللغة الحديثة : أن التقديم يفيد التقديم والالتفات والتركيز . والأمر هنا كذلك في النفي والمنفي , يعني نفي الكفوء . فأنه لا يحتمل أن نتصور له كفواً وكل شئ فهو حقير بالنسبة اليه . فينبغي أن يؤخر تجاه عظمة الله سبحانه . قال تعالى : )وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) (الاسراء:111)
سؤال : ماهي أرجح القراءات في ( كُفُوَا ) ؟
جوابه : هي سكون الفاء مع الهمزة ( كفواً ) لانه يعني في اللغة المساوي والنظير , فيكون هو الأحوط لاعتبار دوران الأمر بين الأفصح وغيره , فيتعين الأفصح . غير أننا نعرف أن القراءات الأخرى لهذه الكلمة , هي وجوه منسوبة إلى بعض القراء السبعة , وهي ممضاة كلها من قبل الأئمة المعصومين سلام الله عليهم أجمعين . وخاصة في المصحف , بقراءة حفص بن عاصم . وذلك بضم الفاء وترك الهمزة . وقد استشكل بعض المتأخرين ( 1) من قراءتها بسكون الفاء وترك لهمزة , لضعف نسبتها إلى القراء السبعة .
أقول : ولكنها محرزة بالنسبة إلى أحد القراء العشرة , فيكفي في جواز القراءة بها على ذلك . كما ذكرنا ذلك في منهج الصالحين (2) . وأعترف به هؤلاء المتأخرين في رسائلهم . (3)
......................................
(1) أنظر مستند العروة الوثقى ( ج3 ص483 ) حيث قال : وأما الوجه الأخير أعني مع الواو وسكون الفاء فهو وإن نسب إلى بعضهم لكنه لم يثبت , فالاحوط تركه ...
(2) الجزء الأول, مسألة 785.
(3) انظر منهاج الصالحين للخوئي , ج1 , ص165 , ط 29 .
تأليف : السيد محمد الصدر
الجزء الخامس
سورة التوحيد
من كتاب منة المنان في الدفاع عن القرآن
للسيد الشهيد محمد الصدر
مكتب السيد الشهيد الصدر (قد ) في عفك
Alkofa_7day@yahoo.com
بسم الله الرحمن الرحيم
ينبغي الحديث عن الاسم , وهو طبقاً لما يشبهه الأطروحات السابقة يمكن أن يكون على عدة أشكال محتملة :
الشكل الأول : الاسم المشهور , وهي سورة التوحيد . لأنها فعلا تحمل معنى الوحيد . وقد ورد إنها تتضمن أو تتكفل نسبة الرب (1)
الشكل الثاني : تسميتها باللفظ الذي تبدأ به (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) ... أو : قُلْ هُوَ .. كما يعبر بعضهم .
الشكل الثالث : تسميتها أو الإشارة إليها برقمها في المصحف وهو السورة 112.
سؤال :تكاثرت الروايات عن طريق الفريقين في أن هذه السورة تعدل ثلثي القرآن .فما هو تفسير ذلك ؟
جوابه : إن له عدة تفاسير محتملة :
التفسير الأول : إنها تحمل ثلث الثواب , أي إن لقارئها ثلث الثواب بالنسبة إلى من قرأ القرآن كله .
التفسير الثاني : إنها تحتوي على علوم ثلثي القرآن الكريم , الذي يحوي علوم الكون كله , وبذلك تكون الفاتحة أعلى منها , لأنها تحتوي على كل علوم القرآن كما سبق.وليس على ثلثها .
التفسير الثالث : إن علوم القرآن فيما نفهمه , تنقسم إلى ثلاثة أقسام :عقائد وتشريع وتاريخ ,والباقي كله يندرج ضمن هذه الثلاثة .أو قل: ان علوم القرآن هي أصول الدين وفروع الدين وأخبار . ويراد بالإخبار ما يشمل أخبار الماضي والحاضر والمستقبل ,وكله من قبيل التاريخ بالمعنى العام , وهو بهذا المعنى يشمل أخبار الدنيا والآخرة .
.........................
(1)انظر نحوه في الميزان بعده ألفاظ ج2 ص390 وانظر توحيد الصدوق ص93 , وانظر الوسائل ج 2 ص 681
أذن , فالسورة المباركة إلى واحد من هذه العناوين الثلاثة :وهو التوحيد . ومن هنا صدق كونها ثلث القرآن .
فان قلت :إن أصول الدين خمسة , والتوحيد أصل واحد منها , فلا يكون التعرض إلى التوحيد تعرضاً لاصول الدين كلها ليكون ثلث القرآن ؟
قلت :ما دل على التوحيد دل على كل العقائد , فان الأصول الأربعة مندرجة فيه , لأن التوحيد أساسها . والله هو الذي أرادها وشرعها واوجدها . وقد ورد عن الإمام الكاظم عليه السلام (1) : اللهم أني أطعتك في أحب الأشياء إليك وهو التوحيد , ولم أعصك في أبغض الأشياء إليك وهو الكفر , فاغفر لي ما بينهما .
سؤال : لماذا بدأت السورة بفعل الآمر : قُلْ ؟
جوابه :المراد من السورة ليس هو إخبار بأن ( الله أَحَدٌ ) وانما الراد الامر هو الإقرار بذلك , لكي يتبع الفرد الهدى , ويشهد بالتوحيد , ووهو – بالطبع – يدل ضمناً على صدق ما قاله , وإلا كان الامر به أمراً باطل . فهو أمر وإخبار في نفس الوقت .
وقلنا في كتابنا (2) فقه الخلاق : أن امتثال هذا الامر بأحد أسلوبين :
الأسلوب الأول : ما ورد عن الإمام الرضا (3) من أنه حين يقرأ آية : (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فأنه كان يقول بصوت خافت : اللَّهُ أَحَدٌ , يعني امتثالاً لقوله . والتزماً بمضمونه .
الأسلوب الثاني :ما ورد في أخبار أخرى (4) من أنه يقول بعد الانتهاء من السورة : كذلك الله ربي .
وبحسب فهمي فأن أحد الأسلوبين مجزئ ومغني عن الأخر , بل لا معنى للجمع بينهما – كما لا يخفى – وان كان لا يخلو من وجه ضعيف .
وعلى أي حال , فمع ترك هذين الأسلوبين معا , وذلك بقراءة السورة كما هي,
.........................................
(1) عن البلد الأمين مفاتيح الجنان ص 114:
(2) فقه الأخلاق . ج1 ص 202 .
(3) أنظر الوسائل ج4 ص 756 .
(4) انظر وسائل الشيعة ج4 . ص 754 . و75 و755 و757 .
.فأنه سيكون السياق بلسان الله لا بلسان العبد . وهو لا ينفع العبد . ما لم يوافق على صحته . ويذعن بصدقه . وهو إنما يعلن عن ذلك بأحد الأسلوبين السابقين .
سؤال : إن " قل " فعل أمر ظاهر بالوجوب . وحمله على الاستحباب خلاف الظاهر . فقد يقال : أن علماء الكلام قالوا : إن الإيمان بالعقائد لا معنى للتشريع فيه . وانما هي واجبة بحكم العقل . والأوامر الواردة إنما هي إرشاد إلى حكم العقل . والله تعالى ينبه هنا على حكم العقل . فلا يجب علينا طاعة هذا الامر , لانه ليس تشريعاً , فلا يجب علينا اتخاذ أحد الأسلوبين السابقين .
قلنا : هذا قابل للمناقشة :
أولاً : إنما طرق سمعك من إن الأوامر إرشادية , إنما هو لخصوص وجود الله سبحانه . فهو سبحانه يُدرَك بالعقل . فإذا ورد عن الله بمضمون : اعترف بوجودي . فإنما هو إرشاد إلى حكم العقل . وهذا صحيح . ولكن سائر أصول الدين ليست كذلك . حتى التوحيد نفسه . فقد شهد الله سبحانه نفسه بتوحيده . قال تعالى : (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (آل عمران:18) . فالله الذي ثبت بالعقل . وجوده , هو يخبرنا عن توحيده . وهذا – في الحقيقة – من أدلة التوحيد .
أذن , فالعبد , في هذه السورة , مأمور تعبدا من قبل الله سبحانه بان يذعن بتوحيده . فلا يكون الأمر إرشاديا , بل تشريعياً .
ثانياً : أننا لو تنزلنا عما قلناه أولاً , وسلمنا أن الامر بالتوحيد أيضا إرشادي , كالاعتراف بوجود الله سبحانه . عند إذ يكون أصل الدخول في الإسلام , عقلي إرشادي . إلى أن غرض السورة لا يكون هو الدخول إلى الإسلام ,. وانما هو لاجل أغراض أخرى كالصلاة والتبرك ونحوها . فيكون : قل , تشريعياً . حيث يقرؤها الفرد بألفاظها من أجل الاستفادة منها : فرجع الحال إلى كون الآمر تشريعياً لا إرشاديا .
سؤال :من هو المخاطب ب( قُلْ ) ؟
جوابه : هناك عدة أطروحات لذلك ., نذكرها من الأضيق إلى الأوسع .
أولا : أن المخاطب هو النبي (ص) , بصفته المخاطب المباشر .
ثانياً : أن المخاطب هو كل المسلمين , ولا خصوصية للنبي ص .
ثالثاً : أن المخاطب هم كل البشر فأن دين الله إنما هو لاصلاح البشر جميعاً . والقرآن لهدايتهم , حتى لو كانوا كفاراً .
رابعاً : أن المخاطب كل الخلق . أي كل أجزاء الكون من بشر وملائكة وجن وأي خلق أخر . فأن التوحيد غير مختص بطائفة . لانه متعلق بالخالق الأزلي الحقيقي . وهذه الصفة الحقيقية ينبغي فرضها وتوزيعها وسيطرتها على كل الخلق . وكل من عصى , فقد ظل عن سواء السبيل .
سؤال: هل يجوز حذف : قل , بمعنى جعل قراءة السورة ابتداء , امتثالا لهذا الأمر .
جوابه : هذا على مقتضى القاعدة جائز , لكنها تخرج عن كونها قرأناً .لان ( قُلْ ) جزؤها القرآني .والقرآن إنما هو بلسان الله لا بلسان العبد .
سؤال : لماذا أختار الله سبحانه الضمير هو , ولم يقل : قل الله أحد ؟
الجواب : أنه يمكن تفسير هذا الضمير بحسب معناه أولاً , وبحسب إعرابه ثانياً : أما الكلام في معناه ,فانه يحتمل أمرين :
الأمر الأول : ما ذكره صاحب الميزان قدس سره حين قال : (1) هو ضمير الشأن والقصة , يفيد الاهتمام بمضمون الجملة التالية , أي ان الحال والشان هو الله أحد .
الأمر الثاني : أن ( هُوَ ) ضمير عائد على ذات الله سبحانه : أي : ذات الله هو أحد .
واما إعرابه , فيحتمل وجهين :
الوجه الأول : أن يكون هو ضمير لا محل له من الأعراب . كالذي يقع بين المبتدأ والخبر , كقول :زيد هو عالم , ولا يفيد إلا التأكيد .
ففي الآية الكريمة يكون لفظ الجلالة مبتدأ واحد خبر . سواء قلنا أن معناه ضمير الشأن أو أنه عائد على الذات .
الوجه الثاني : نذكره بنحو الأطروحة . وهو أن يكون ( هُوَ ) مبتدأ . سواء فهمنا منه ضمير الشأن أو كونه عائداً الى الذات . واما خبره , فله عدة أطروحات :
الأطروحة الأولى : أن هذا الضمير مبتدأ ولفظ الجلالة مبتدأ ثاني واحد خبر المبتدأ الثاني .
.........................
(1) ج 20 ص 387 .
والجملة خبر المبتدأ الأول . مثل قولنا : زيد أبوه عالم . غاية الفرق أن الابتدأ هناك بالظاهر وهنا بالضمير .
وهذا ممكن سواء كان هو ضمير شأن أو راجعاً إلى الذات . ولكنه أوضح واوكد مع رجوعه إلى الذات . يعني : أن الذات المقدسة التي لا يشار إليها ولا يعبر عنها ولا تحد , يصدق عليها هذان الاسمان .
الأطروحة الثانية : أن يكون ضمير : هو , مبتدأ ولفظ الجلالة خبره . و( أحَدُ ) بدل أو عطف بيان أو معطوف بحذف حرف العف . فتكون الذات المعبر عنها بهو , مبتدأ واسمها , وهو لفظ الجلالة الخبر .
الأطروحة الثالثة : أن يكون هو متبدأ ولفظ الجلالة خبر أول واحد خبر ثانٍ للمبتدأ الأول . كقولنا : زيد عالم حاذق . أو زيد عالم في الدار .
الأطروحة الرابعة : أن يكون قوله : هو الله مبتدأ وخبر . ويكون " أحد " خبراً لمبتدأ محذوف دل عليه ما سبق . يعني : هو أحد .
الأطروحة الخامسة : ما ذكره العكبري حين قال(1) : ويجوز أن يكون الله بدلاً, واحد الخبر . أقول : يعني خبر هو .
سؤال : لماذا وجد الضمير : هو في هذا المحل من الآية الكريمة ؟
جوابه : متفرع على ما قلناه في معناه وإعرابه . وهو أربع صور :
الصورة الأولى : أن يكون معناه ضمير شأن وإعرابه ضمير فصل . فهو للتأكيد , لجل الترسيخ الإيماني .
الصورة الثانية : أن يكون معناه ضمير الشأن . وإعرابه : مبتدأ وخبره الجملة التي بعد ه . فعندئذ لا يفيد التأكيد , بل مجرد الأخبار بأن الشأن والحال : إن الله أحد , ويكون الاستغناء عنه أولى . ومن هنا فسد هذا الوجه . وأن كان مستفادأ من مطاوي كلمات الميزان .
الصورة الثالثة : أن يكون معناه كونه دالاً على الذات وإعرابه كونه ضمير فصل . فهو غير محتمل ., لوجود التنافي بين هذين الاحتمالين . مضافاً إلى لزوم كون الدال علي الذات مكترراً في الآية , وهو الضمير ولفظ الجلالة .
الصورة الرابعة : أن يكون معناه دالا على الذات , وإعرابه أنه مبتدأ وهو المتعين ::على معنى الذات تتصف بهاتين الصفتين أو الاسمين .
إن قلت :أن أسم الجلالة دال على الذات مكرراً
قلت أولاً :أن لفظ الجلالة من الأسماء الحسنى . فأن توخينا مطلق الدلالة على الذات , كانت كل الأسماء الحسنى دالة عليه . ك(هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ)(الحشر: من الآية23) . وان توخينا لخص من ذلك , كالعلمية لذاته سبحانه , كما في لفظ الجلالة , فهذا لا يخرجه من كونه من الأسماء الحسنى .
ولذا لم يقل الفلاسفة أنه عين ذاته , كما قالوا : في العالم والرحمن ,أنه عين ذاته , بل قالوا أنه علم خارج الذات , فكونه علماً لا يخرجه عن كونه أحد الأسماء الحسنى . و قل هو أ÷م الأسماء الحسنى .
إذن ,يكون المقصود أن الذات يصدق عليها هذان الاسمان : الله والحد .
ثانياُ : إن دلالة (هو) على الذات أعمق من دلالة لفظ الجلالة عليه . لبساطة لضمير واحاطته , فيكون من هذه الناحية شبيهاً ببساطة الذات وأحاطتها . بخلاف لفظ الجلالة ,فأنه لا يخلو من تعقيد بالتشديد وتكرار اللامات .
بل يمكن إرجاع أحدهما إلى الآخر ,بأن نقول بنحو الأطروحة :ان لفظ الجلالة : الله هو تعريف للضمير ,بإدخال الآلف واللام على الهاء مع انه غني عن التعريف ولا يتعرف بمخلوقاته .بل بذاته , وهنا يكون وجود الضمير , بدون التعريف أولي .
سؤال : قال الرازي في هامش (العكبري ) (2) : المشهور في كلام العرب أن الأحد يستعمل بعد النفي .والواحد يستعمل بعد الأثبات . يقال : في الدار واحد. وما في الدار أحد .وجاءني واحد.وما جاءني أحد .ومنه
................
(1) ج2 ص 159 .
(2) ج2 ص 160 .
وقوله تعالى : (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ)(البقرة: من الآية163)وقوله تعالى : ( الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ ) )ِ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ )( فَمَا مِنُكمْ مِنْ "أحد" هنا في الإثبات .
جوابه :
أولا : ا قاله الرازي أيضاً (1) : قال :ابن عباس رضي الله عنهما : لا فرق بين والأحد في المعنى . واختاره أبو عبيدة . ومؤيده قوله تعالى : ( فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ )وقولهم أحد وعشرين وما أشبهه . وإذا كنا بمعنى واحد , لا يختص احدهما بمكان دون مكان . وأن غلب استعمال احدهما في النفي والآخر في الاثبات .
ثانياً : ما أشار اليه الرازي أيضاً بقوله (2) : ويجوز أن يكون العدول عن الغالب ,رعاية لمقابلة الصمد , أقول : يعني : لحفظ النسق في نهايات هذه الآيات .
ثالثاً: ويعرض كاطروحة :
أن أحد من الأسماء الحسنى والواحد ليس منها . وانما هو صفة إعلامية فقط ,تتضمن الاخبار عن كونه تعالى واحد لا شريك له . ناسب ذلك ترك " الواحد " .
سؤال : لماذا كرر لفظ الجلالة , في قوله تعالى : اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ ؟
جوابه : أولا : أنه لإفادة التأكيد , بتقدير تكرار العامل وهو الأمر السابق , أي : (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ .وإفادة تكرار العامل أوضح لدى تكرار لفظ الجلالة , ولو اكتفى بالصمد . لما أفاد هذه الفائدة .
ثانياً : لسماجة عدمه , لو قال : الله أحد الصمد , فالصفة البلاغية تقتضي تكرار لفظ الجلالة .
سؤال :لماذا قدم " يَلِدْ " وهو من حقه التأخير ؟ لانه بعده في الزمن عادة .
أولاً : أننا إن نظرنا إلى الزمان العرفي , كان السؤال وارداً . إلا انه ملغى بحق ذات الله سبحانه . فلم يبق فرق في التقديم والتأخير . وهو فوق الزمان ولامكان , وقد ورد عنهم عليهم السلام . لا تحده الأزمنة ولا تحيط به الأمكنة ولا يأخذه نوم ولا سنة .
هذا إذا كان الفعلان منفيين كما هما في السورة .
ثانياً : انهما لو كانا مثبتين لاي ذات , كان من حق الأخر التقديم . لانه إن حدث كان متقدماً في الزمان , ولحاظ الزمان عرفي . إلا أن لحاظهُ في ذات الله عز وجل مسند . مضافاً إلى أنهما في السورة في سياق النفي الإثبات .
ثالثاً : نعرضه كأطروحة وهو كون النظر إلى الصفة الحالية أو الفعلية . ثم الصعود منها الى الصفة الأخرى ( الصفة التاريخية أو الماضية ) أي : انه ليس فقط لم يلد بل لم يولد أيضاً .
رابعاً : لحاظ المشكلة المثارة اجتماعيا بين الأديان , من ان الله سبحانه له ولد . تعالى عما يقولون علواً كبيراً . فمن هنا أكتسب الأهمية فيكون الأهم مقدماً , وهو نفي الولد . باعتبار ما قيل من أن عُزيرّ أبن الله وان المسيح أبن الله , ونحو ذلك . كما ننطق به القرآن الكريم .(3) . فقد قدم الأهم . وقام بتأخير ما دونه في الأهمية الاجتماعية .
خامساً: أن ( لَمْ يَلِدْ )مُُُساقة للشأنية لا الفعلية . فالمراد نفي الشأنية . ومن لم يكن من شأنه أن يلد ليس من شأنه أن يولد . ولو كان من شأنه ان يلد لكان من شأنه أن يولد . كما في الخلق . فقدم ( يلد ) لكونها حاصلة من فعل في حالة جل جلاله . لتكون بمنزلة البرهان إثباتاً على صحة الأخرى التي بعدها . بنحو الدليل : الانّى , الذي يستدل به من المعلول على العلة . قال تعالى : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) (الاخلاص:4)
فقوله تعالى أحدٌ , أسم كان مؤخر , وهنا يحصل السؤال .وحاصله : ما هو خبر كان ؟
جوابه : أن في خبرها وجهتين :
الوجه الأول : أن خبرها : كفواً . وعلى هذا يجوز أن يكون ( له ) حالا من كفواً أو صفة له , لان التقدير : ولم يكن أحد كفواً له . وان يتعلق بَيكُنْ .
الوجه الثاني : أن يكون الخبر : له . وكفواً حال من أحد . أي ولم يكن له أحد كفواً . أو لم يكن أحد له كفواً .
...............................................
(1) المصدر والصفحة
(2) المصدر والصفحة
(3) )وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ )(التوبة: من الآية30)
فلما قدم النكرة نصبها على الحالية .
سؤال : لماذا قدم سبحانه : له كفواً , على أحد ؟
جوابه : أولا : لاختلال نسق الآيات بتقديم أحد . وهذا واضح . كما لو قال : لم يكن له أحد كفواً .
ثانياً : قالوا في اللغة الحديثة : أن التقديم يفيد التقديم والالتفات والتركيز . والأمر هنا كذلك في النفي والمنفي , يعني نفي الكفوء . فأنه لا يحتمل أن نتصور له كفواً وكل شئ فهو حقير بالنسبة اليه . فينبغي أن يؤخر تجاه عظمة الله سبحانه . قال تعالى : )وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) (الاسراء:111)
سؤال : ماهي أرجح القراءات في ( كُفُوَا ) ؟
جوابه : هي سكون الفاء مع الهمزة ( كفواً ) لانه يعني في اللغة المساوي والنظير , فيكون هو الأحوط لاعتبار دوران الأمر بين الأفصح وغيره , فيتعين الأفصح . غير أننا نعرف أن القراءات الأخرى لهذه الكلمة , هي وجوه منسوبة إلى بعض القراء السبعة , وهي ممضاة كلها من قبل الأئمة المعصومين سلام الله عليهم أجمعين . وخاصة في المصحف , بقراءة حفص بن عاصم . وذلك بضم الفاء وترك الهمزة . وقد استشكل بعض المتأخرين ( 1) من قراءتها بسكون الفاء وترك لهمزة , لضعف نسبتها إلى القراء السبعة .
أقول : ولكنها محرزة بالنسبة إلى أحد القراء العشرة , فيكفي في جواز القراءة بها على ذلك . كما ذكرنا ذلك في منهج الصالحين (2) . وأعترف به هؤلاء المتأخرين في رسائلهم . (3)
......................................
(1) أنظر مستند العروة الوثقى ( ج3 ص483 ) حيث قال : وأما الوجه الأخير أعني مع الواو وسكون الفاء فهو وإن نسب إلى بعضهم لكنه لم يثبت , فالاحوط تركه ...
(2) الجزء الأول, مسألة 785.
(3) انظر منهاج الصالحين للخوئي , ج1 , ص165 , ط 29 .
المدير العام- Admin
-
عدد المساهمات : 501
نقاط : 2147483647
عضو مميز : 1
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
العمر : 44
مواضيع مماثلة
» تفسير منة المنّان ـ الجزء الرابع ـ
» تفسير منة المنّان ـ الجزء العاشر ـ
» تفسير منة المنّان ـ الجزء الأول
» تفسير منة المنّان ـ الجزء العاشر ـ
» تفسير منة المنّان ـ الجزء الأول
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء يوليو 08, 2014 6:16 pm من طرف السيد عبد الحسين الاعرجي
» زواج المتعة
الأربعاء فبراير 09, 2011 11:07 am من طرف حسين
» الى من يهمه الامر
الخميس نوفمبر 18, 2010 2:26 am من طرف احمد علي حسين العلي
» جبل يضع البيض في الصين
الأربعاء نوفمبر 10, 2010 9:31 am من طرف زائر
» لى من يهمه الامر
الأربعاء نوفمبر 03, 2010 9:30 am من طرف سمير محمود الطائي
» زرقاء اليما مه
الأربعاء سبتمبر 29, 2010 5:17 am من طرف سمير محمود الطائي
» الأخت المؤ منه ومشا كل العصر
الثلاثاء سبتمبر 28, 2010 1:59 am من طرف سمير محمود الطائي
» أعجوبة صورة الضحى
الثلاثاء سبتمبر 28, 2010 1:48 am من طرف سمير محمود الطائي
» با لحسين معا دلتي موزونه
الإثنين سبتمبر 27, 2010 6:30 pm من طرف سمير محمود الطائي